للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن ذهب إلى هذا الطبري (١)، وابن تيمية، وابن القيم (٢)، وجوَّزه أبو العباس القرطبي (٣).

قال ابن تيمية بعد ذكره لبعض النصوص، كحديث القليب وغيره: "فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال، كما قد يعرض للحي، فإنه قد يسمع أحيانًا خطاب من يخاطبه، وقد لا يسمع لعارض يعرض له، وهذا السمع سمع إدراك، ليس يترتب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفي بقوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال، فإن الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه، وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعنى، فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعنى فإنه لا يمكنه إجابة الداعي، ولا امتثال ما أمر به ونهي عنه، فلا ينتفع بالأمر والنهي، وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي، وإن سمع الخطاب، وفهم المعنى، كما قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: ٢٣] (٤) " (٥).

واستدل هؤلاء -أعني: أصحاب هذين القولين- على قولهم: بسماع الموتى بعدة أدلة، أهمها:

- حديث القليب، وقد تقدم.

- حديث أنس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان ... )،


(١) انظر: تهذيب الآثار (٢/ ٥٢٠ - ٥٢١)، وأهوال القبور لابن رجب (١٣٣).
(٢) انظر: الروح (٦٧ - ٦٨).
(٣) انظر: المفهم (٢/ ٥٨٦)، و (٧/ ١٥١).
(٤) انظر في تفسير الآية: جامع البيان (٦/ ٢٠٩)، ومعالم التنزيل (٢/ ٢٤٠)، والجامع لأحكام القرآن (٧/ ٣٨٨)، وتفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٦٨).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٦٤)، وانظر (٤/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>