للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبينوا المتشابهات، وأوضحوا المستشكلات، سواءً ما يتعلق منها بالكتاب العزيز (١) أو السنة المطهرة (٢).

ولئن كانت هذه بداية التأليف في موضوع المشكل، فإن الأمر بعد ذلك صار أعم وأشمل، حيث قصد المؤلفون فيه، بالإضافة إلى ذلك: بيان ما يشكل فهمه من النصوص، أو تُتَوَهَّمُ استحالته، أو معارضته لغيره، وهو ما وقع شيء منه للصحابة -رضي الله عنهم-، لكنَّه سرعان ما يزول بعرضه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث يجيبهم عما سألوا، ويدفع عنهم ما استشكلوا (٣)، ومن ذلك:

ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: لمَّا نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] شقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، أيُّنَا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟ [لقمان: ١٣]) (٤).

وأخرج البخاري ومسلم أيضًا من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رجلًا قال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: (أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ ) قال قتادة (٥):


(١) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد، حيث عقد أول باب فيه بعنوان: باب بيان ما ضلت فيه الزنادقة من متشابه القرآن، وانظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة.
(٢) انظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ودرء التعارض لابن تيمية، والروض الباسم لابن الوزير، والأنوار الكاشفة للمعلمي.
(٣) انظر: مختصر الصواعق: (١/ ١٦٤).
(٤) البخاري (٣/ ١٢٦٢) ح (٣٢٤٦)، ومسلم (٢/ ٥٠٢) ح (١٢٤).
(٥) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي البصري الضرير، حافظ العصر، وقدوة المفسرين والمحدثين، كان تابعيًا، وعالمًا كبيرًا، وكان إمامًا في النسب، ورأسًا في العربية واللغة وأيام العرب، توفي رحمه اللهُ بواسط في الطاعون سنة (١١٧ هـ)، وقيل سنة (١١٨ هـ).

<<  <   >  >>