للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت أول رحلة قام بها البخاري هي رحلته إلى مكة للحج، وهو في سن السادسة عشرة من عمره تقريبًا.

قال ابن حجر (١): "فكان أول رحلته على هذا سنة عشر ومائتين، ولو رحل أول ما طلب لأدرك ما أدركته أقرانه من طبقة عالية" (٢).

وقد أكثر البخاري رحمه الله تعالى بعد ذلك من الرحلة إلى سائر الأمصار في طلب العلم والحديث.

حدَّث البخاري عن نفسه فقال: "لقيت أكثر من ألف رجل: أهل الحجاز والعراق والشام ومصر لقيتهم كرَّات، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مرات، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي خراسان" (٣).

وقد رُزق البخاري رحمه الله تعالى حافظة قوية، وذكاءً حادًا، وذهنًا متوقدًا، واطلاعًا واسعًا.

رُوي عنه أنه قال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي


(١) هو العلامة الحافظ أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الشافعي أبو الفضل شهاب الدين ابن حجر، من أئمة العلم والتاريخ، أصله من عسقلان بفلسطين، ومولده ونشأته ووفاته بمصر، ولع بالأدب والشعر ثم أقبل على الحديث، ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشيوخ، وعلت له شهرة، فقصده الناس للأخذ عنه، وأصبح حافظ الإسلام في عصره، ولي قضاء مصر مرات، توفي رَحِمَهُ اللهُ سنة (٨٥٢ هـ)، وله مصنفات عديدة منها: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وكتاب تهذيب التهذيب، وكتاب تغليق التعليق وغيرها. [انظر: الضوء اللامع (٢/ ٣٦)، وشذرات الذهب (٧/ ٢٧٠)، والبدر الطالع (١/ ٨٧)، والأعلام (١/ ١٧٨)].
(٢) هدي الساري (٤٧٨).
(٣) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٧)، وانظر: تاريخ بغداد (٢/ ٥)، وهدي الساري (٤٧٨).

<<  <   >  >>