(اذا علمت هذا) تيقنت أن كثيرا من أئمة المساجد في هذا العصر قد فرّطوا في هذا الواجب الدينى واستخفوا به فتركوا الناس وشأنهم في إقامة الصفوف، فترى الناس بعد إقامة الصلاة أوزاعا متفرقين عن اليمين وعن الشمال عزين: الصف الأول ناقص، والثانى متقطع؛ والثالث بعضه بناحية من المسجد وبعضه بالناحية الأخرى بلا اعتدال ولا انتظام، وما بين ذلك خال من المصلين وهكذان كل ذلك على مرأَى من الامام وهو ساكت لا يبدى ولا يعيد، ولم يدر أنه مسئول عن ذلك في يوم الوعيد (يوم يأت لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقى وسعيد) وفي الحديث "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" نعم هو مسئول، لأنه خالف هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الهادين المهديين من بعده، فقد ورد عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرَفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد الينا؟ فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان كان حبشيا، فانه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" رواه الامام أحمد في مسنده وهذا لفظه ورواه (د. جه. مذ) وصححه ورواه (حب. ك) وقال صحيح على شرطهما يعنى البخارى ومسلم (فهل عمل بذلك أئمة المساجد) ونفذوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كلا لم يعمل بذلك إلا من أشربوا حب السنة ووفقهم الله للعمل بها والذب عن حياضها وقليل ماهم، زادهم الله توفيقا وأكثر من أمثالهم وألهم سائر الائمة اتباع سبيلهم، وجعلنا الله جميعا ممن عرفوا الحق فاتبعوه، واهتدوا إلى الصراط المستقيم فسلكوه آمين. (١٤٧٥) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن