للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[مذاهب العلماء في رؤية الهلال بجهة هل تسرى على من لم يره في جهة أخرى]-

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (١)


(١) ظاهره أي أمرنا أن لا نعمل برؤية أهل بلد آخر (تخريجه) (م. والثلاثة. وغيرهم) (الأحكام) احتج بحديث كريب هذا من قال إنه لا يلزم أهل بلد رؤية أهل بلد آخر، ووجه الاحتجاج به أن ابن عباس لم يعمل برؤية أهل الشام وقال في آخر الحديث هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في المراد بقوله "هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم" فقال بعضهم يشير إلى قوله في الحديث (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإكمال الشهر ثلاثين يوما إن لم يروا الهلال، وقال بعضهم أمرنا أن لا نعمل برؤية أهل بلد آخر، وقال الشيخ تقى الدين في شرح العمدة ويمكن أنه أراد بذلك هذا الحديث العام يعني قوله صلى الله عليه وسلم (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه) لا حديثا خاصًا بهذه المسألة، قال وهو الأقرب عندي أهـ وقد حكى ابن المنذر هذا المذهب (يعني عدم العمل برؤية أهل بلد آخر) عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق بن راهوية وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه وحكاه الماوردي وجهًا في مذهب الشافعي (وقال آخرون) إذا رؤى ببلدة لزم أهل جميع البلاد الصوم وهو مذهب الأئمة (مالك وأبي حنيفة وأحمد والليث بن سعد) وحكاه ابن المنذر عن أكثر الفقهاء، وبه (قال بعض الشافعية) فإنهم قالوا إن تقاربت البلدان فحكمهما حكم البلد الواحد، وإن تباعدتا فوجهان. أصحهما عند الشيخ أبي حامد والشيخ أبي إسحاق والغزالي والأكثرين أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر، والثاني الوجوب، وإليه ذهب القاضي أبو الطيب والروياني، وقال أنه ظهر المذهب واختاره جميع أصحابنا، وحكاه البغوى عن الشافعي نفسه، وعلى الأول ففي ضبط البعد أوجه (أحدها) وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيرهم أن التباعد أن تختلف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان، والتقارب أن لا تختلف كبغداد والكوفة والرى وقزوين؛ وصححه النووي في الروضة والمنهاج وشرح المهذب (والثاني) أن التباعد مسافة القصر، وبهذا قطع إمام الحرمين وادعى الاتفاق عليه، والغزالي والبغوي وصححه الرافعي في شرحه الصغير والمحرر، والنووي في شرح مسلم (والثالث) اعتباره باتحاد الأقاليم واختلافه، وحكى السرخسى وجها آخر إن كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض يلزمهم دون غيرهم (وقال ابن الماجشون) من المالكية إن ثبت بأمر شائع لزم البعيد، وإن ثبت عند الحاكم بشهادة شاهدين كسائر الأحكام لم يلزم من خرج من ولايته إلا أن يكون أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعتهم إذا كتب بما عنده من شهادة أو رؤية إلى من لا يثبت عنده، حكاه ابن شاش في الجواهر أهـ. (وقال الشوكاني) واعلم أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده

<<  <  ج: ص:  >  >>