وذكر القاضى عياض فى الجمع بينهما وجهين * (أحدهما) * نحو الأول من الوجهين اللذين حكيناهما، قال قيل اختلف الجواب لاختلاف الأحوال، فأعلم كل قوم بما بهم حاجة اليه، أو بما لم يكملوه بعد من دعائم الأسلام ولا بلغهم علمه * (والثاني) * أنه قدَّم الجهاد على الحج لانه كان أول الاسلام، ومحاربة أعدائه والجد فى اظهاره (وذكر صاحب التحرير) هذا الوجه الثانى ووجها آخر أن ثم لا تقتضى ترتيبًا، وهذا قول شاذ عند أهل العربية والأصول، ثم قال صاحب التحرير والصحيح أنه محمول على الجهاد فى وقت الزحف الملجاء والنفير العام، فانه حينئذ يجب الجهاد على الجميع، وإذا كان هكذا فالجهاد أولى بالتحريض والتقديم من الحج لما فى الجهاد من المصلحة العامة للمسلمين مع أنه متعين متضيق فى هذا الحال بخلاف الحج، والله أعلم اهـ * (قلت) * وهو وجيه (تخريجه) (حب) فى صحيحه بلفظ حديث الباب، ورواه الشيخان عن أبى هريرة أيضا قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى العمل أفضل؟ قال ايمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال جهاد فى سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور، وللامام أحمد أيضا بهذا اللفظ وتقدم فى أول كتاب الايمان (٢) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن سيار عن أبى حازم عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (١) فى رواية للبخارى "من حج لله فلم يرفث (٢) فى رواية أخرى للبخارى أيضا "من حج هذا البيت" ولمسلم "من أتى هذا البيت" وهو يشمل الأتيان للحج والعمرة (وللدارقطنى) من طريق الاعمش عن أبى حازم بسند فيه ضعف من حج واعتمر (٣) بتثليث الفاء فى المضارع والماضى؛ لكن الأفصح الضم فى المضارع والفتح فى الماضى، أى الجماع أو الفحش فى القول، أو خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع (وقال الازهرى) الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء "وقوله ولم يفسق" أى لم يأت بسيئه ولا معصية. وقال سعيد بن جبير فى قوله تعالى {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج} الرفث إتيان النساء والفسوق السباب. والجدال المراء، يعنى مع الرفقاء والمكارين. ولم يذكر فى الحديث الجدال فى الحج اعتمادا على الآية، ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا، لأن وجوده لا يؤثر في