للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى ذلك ابن عساكر (واستدل القائلون بالوجوب) بحديث (من حج فلم يزرنى فقد جفانى) وقد تقدم قالوا والجفاء للنبى صلى الله عليه وسلم محرم فتجب الزيارة لئلا يقع فى المحرم (واجاب عن ذلك الجمهور) بان الجفاء يقال على ترك المندوب كما فى ترك البر والصلة وعلى غلظ الطبع كما فى حديث (من بدا فقد جفا) وايضا الحديث على انفراده مما لا تقوم به الحجة لما سلف (واحتج من قال انها غير مشروعة) بحديث (لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد) وهو فى الصحيح وقد تقدم وحديث (لا تتخذوا قبرى عيدا) رواه عبد الرزاق (قال النووى) فى شرح مسلم اختلف العلماء فى شد الرحل لغير هذة الثلاثة كالذهاب الى قبور الصالحين والى المواضع الفاضلة فذهب الشيخ ابو محمد الجوينى الى حرمته واشار عياض الى اختياره والصحيح عند اصحابنا انه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد ان الفضيلة الثابتة انما هى شد الرحل الى هذة الثلاثة خاصة اه (وقد اجاب الجمهور) عن حديث شد الرحل ان القصر فيه اضافى باعتبار المساجد لا حقيقى قالوا والدليل على ذلك انه قد ثبت باسناد حسن فى بعض الفاظ الحديث (ولا ينبغى للمطى أن يشد رحالها الى مسجد تبتغى الصلاة فيه غير مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى) فالزيارة وغيرها خارجة عن النهى (واجابوا ثانيا) بالاجماع على جواز شد الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا وعلى وجوبه الى عرفة للوقوف والى منى للمناسك التى فيها والى مزدلفة والى الجهاد والهحرة من دار الكفر وعلى استحبابه لطلب العلم (واجابوا عن حديث لا تتخذوا قبرى عيدا) بانه يدل على الحث على كثرة الزيارة لا منعها وانه لا يهمل حتى لا يزار الا فى بعض الاوقات كالعيدين وي} يده قوله ولا تجعلوا بيوتكم فبورا اى لا تتركوا الصلاة فيها كذا قال الحافظ المنذرى (وقال السبكى) معناه انه لا تتخذوا لها وقتا مخصوصا لا تكون الزيارة الا فيه او لا تتخذوه كالعيد فى الوقوف عليه واظهار الزينة والاجتماع للهو وغيره كما يفعل فى الاعياد بل لا يؤتى الا للزيارة والدعاء والسلام والصلاة ثم ينصرف عنه (١) واجيب عما روى عن مالك من القول بكراهة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بأنه انما قال بكراهة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم قطعا للزريعة وقيل انما كره اطلاق لفظ الزيارة لأن الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم من السنن الواجبة كذا قال عبد الحق (واحتج ابضا من قال بالمشروعية) بأنه لم يزل درب المسلمين القاصدين للحج فى جمبع الأزمان على تباين الديار واختلاف المذاهب الوصول الى المدينة الشريفة بقصد زيارته ويعدون ذلك من افضل الاعمال ولم ينقل أن أحدًا أنكر


(١) تفسير السبكي احسن لأنه يناسب سياق الحديث وتقدم تفسيره ايضا للحافظين ابن تيمية وابن القيم صحيفة ٣٩ فى آخر باب استلام الحجرالاسود واليمانى فى الجزء الثاني عشر

<<  <  ج: ص:  >  >>