-[كلام العلماء في معنى أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن]-
الله صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن (باب ما جاء في فضل سورة قل هو الله أحد والمعوذتين)(عن عقبة بن عامر)(١) قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأني فأخذ بيدي فقال يا عقبة بن عامر ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
تدل على فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن، وقد اختلف العلماء في المراد من ذلك (قال الحافظ) حمله بعض العلماء على ظاهره فقال هي ثلث باعتبار معاني القرآن؛ لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت عي على القسم الثالث فكانت ثلثًا بهذا الاعتبار، ويستأنس لهذا بما أخرجه أبو عبيد من حديث أبي الدرداء اهـ (قلت) تقدم في هذا الباب من رواية الإمام أحمد جزأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزءًا من أجزاء القرآن، وقال القرطبي اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله يتضمنان جميع أوصاف الكمال لم يوجد في غيرها من السور، وهما الأحد الصمد؛ لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه، ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن جاز جميع خصال الكمال؛ وذلك لا يصلح إلا الله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثًا اهـ (ومنهم) من حمل المثلية على تحصيل الثواب فقال معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن، وقيل مثله بغير تضعيف وهي دعوى بغير دليل، ويؤيد الإطلاق ما أخرجه مسلم والإمام أحمد من حديث أبي الدرداء وتقدم البخاري والإمام أحمد من حديث أبي سعيد وتقدم أيضًا وفيهما أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وما أخرجه مسلم والإمام أحمد من حديث أبي هريرة وتقدم أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احشدوا فإني سأقرؤ عليكم ثلث القرآن فخرج فقرأ قل هو الله أحد ثم قال إلا أنها تعدل ثلث القرآن، ولأبي عبيد والإمام أحمد من حديث أبي بن كعب وهو الحديث الأول من أحاديث الباب (من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن، وإذا حمل ذلك على ظاهره فهل ذلك لثلث من القرآن معين أو لأي ثلث فرض منه؟ فيه نظر، ويلزم على الثاني من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة، وقيل المراد من عمل بما تضمنته من الإخلاص والتوحيد كان كمن قرأ ثلث القرآن، وادعى بعضهم أن قوله تعدل ثلث القرآن يختص بصاحب الواقعة؛ لأنه لما رددها في ليلة كان كمن قرأ ثلث القرآن بغير ترديد، قال القابسي لعل الرجل الذي جرى له ذلك لم يكن يحفظ غيرها فذلك استقل عمله فقال له الشارع ذلك ترغيبًا له في عمل الخير وأن قل (قلت) ظاهر الأحاديث ناطق بتحصيل الثواب مثل من قرأ ثلث القرآن والقول الجامع فيه ما ذكره الشيخ التوربشتي رحمه الله من قوله نحن وإن سلكنا هذا المسلك بمبلغ علمنا نعتقد ونعترف أن بيان ذلك على الحقيقة إنما يتلقى من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه هو الذي ينتهي إليه في معرفة حقائق الأشياء والكشف عن خفيات العلوم، فأما القول الذي نحن بصدده ونحوم حوله على مقدار فهمنا فهو وإن سلم من الخلل والزلل لا يتعدى عن ضرب من الاحتمال، نقله الطيبى في شرح المشكاة (باب) (١) (عن عقبة بن عامر الخ) هذا جزء من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب الثلاثيات من كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم من قسم الترغيب وإنما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة ترجمة الباب وهو يدل على عظم فضل هذه السور الثلاث والحث على