(باب هجرة إبراهيم عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية وقصة سارة مع ملك مصر)(عن أبى هريرة)(١) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب ابراهيم إلا ثلاث كذبات (٣) قوله حين دعى الى آلهتهم (٣) انى سقيم (٤) وقوله مقلد كبيرهم هذا (٥) وقوله لسارة أنها أختي
منهم بعد أن أقام عليهم الحجج والبراهين ولم يؤمن به إلا بعض رجال من قومه منهم لوط بن هاران وهو ابن أخى ابراهيم وكان لهم أخ ثالث يقال له ناخور بن تارخ وهو أبو بتويل وبتويل أبو لابان وأبرر بقا امرأة اسحاق بن ابراهيم أم يعقوب ولا بان أبو ليئة وراحيل زوجتى يعقوب وآمنت به سارة وهى ابنة عمه وهى سارَّة ابنة هاران الأكبر عم ابراهيم (أما جمهورهم) فلم تنفعهم الحجة ولم تغنهم النذر، ولما أعرضوا عن دعوته ولازالوا متمسكين بعبادة أصنامهم بَيَّت الشر لها واقسم ليكيدنها حتى يروا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تدفع الأذى عن نفسها. فقال (وتا الله لأكيدن أصنامكم بعد ان تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا) أى قطعا متفرقة (الا كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون) وسيأتى تفصيل ذلك وقصته مع نمرود فى شرح الحديث التالى (باب) (١) (سنده) حدثنا على بن حفص قال ثنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (٢) لم يرد النبى صلى الله عليه وسلم ان هذا من باب الكذب الحقيقى الذى يذم فاعله حاشا وكلا، وانما أطلق الكذب على هذا تجوزا، وانما هو من المعاريض فى الكلام لمقصد شرعى دينى كما جاء فى بعض الأحاديث (أن فى المعاريض لمندوجة عن الكذب) (٣) تقدم فى شرح الحديث السابق ان ابراهيم قال (وتا لله لأكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين) وقد كان من عادة القوم ان يقيموا عيدا لهم فى كل عام يقضون ايامه خارج المدينة، وكلهم يهرعون اليه بعد ان يضعوا طعاما كثيرا فى بيت العبادة حتى اذا ما رجعوا من عيدهم أكلوه فرحين فقد باركته الآلهة، فاذا انصرفوا من عيدهم أكلوه، فقالوا لابراهيم ألا تخرج غدا معنا الى عيدنا؟ وهذا معنى قوله فى الحديث (حين دعي إلى آلهتهم) أى الى حضور عيد آلهتهم (٤) وترى بقوله انى سقيم ولم تكن به علة ولا مرض ولكنه كان سقيم النفس كاسف البال حزينا على إشراك قومه لأنهم لم يلبوا نداءه ولم يصيخوا الى دعوته، وكانوا يعتقدون ان السقيم هو المطعون، وكانوا يفرون من الطاعون فرارا عظيما فتركوه ومضوا، وفى التنزيل قال تعالى (فنظر نظرة فى النجوم فقال انى سقيم فتولوا عنه مدبرين) قال ابن عباس كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه (فتولوا عنه مدبرين) الى عيدهم فدخل ابراهيم على الأصنام فكسرها ثم وضع القدوم فى يد كبيرهم لعلهم يعتقدون أنه هو الذى غار لنفسه وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار فكسرها، فلما رجعوا من عيدهم وجدوا اصنامهم مكسرة (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم؟) لأنه لم يتخلف عن حضور العيد غيره (قال بل فعله كبيرهم هذا) أى غضب من أن يعبد معه الصغار وهو أكبر منها فكسرها وأراد بذلك إقامة الحجة عليهم فذلك قوله (فاسألوهم إن كانوا ينطقون) حتى يخبروا من فعل ذلك بهم، قال ألقنيى معناه بل فعله كبيرهم ان كانوا ينطقون على سبيل الشرط فجعل النطق شرطا للفعل، أى ان قدروا على النطق قدروا على الفعل فأراهم عجزهم عن النطق وفى ضميره أنا فعلت، فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرها ألى أنفسهم فيما بينهم فقالوا لقد ظلمناه وما تراه إلا كما قال، وعرفوا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تبطش