للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عن ابن عباس} (١) قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أنزل عليه القرآن (٢) وهو ابن أربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، قال فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين سنة (وعنه من طريق ثان) (٣) قال أنزل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وأربعين (٤)

فمكث بمكة عشر أو بالمدينة عشرا وقبض.


أول من ورخ الكتب بعلي بن أمية باليمن وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس ارخوا لأول السنة (وروي البخاري) بسنده عن سهل بن سعد قال ماعدوا (يعني ما ارخوا) من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من وفاته، ما عدوا الا من مقدمه المدينة (قال الحافظ) قوله مقدمه أي زمن قدومه ولم يرد شهر قدومه، لأن التاريخ انما وقع من أول السنة، وقد أبدي بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة: فقال كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة، مولده ومبعثه وهجرته ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة لأن المولد والمبعث لايخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السنة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه لما توقع بذكره من الأسف عليه فانحصر في الهجرة. وانما أخروه من ريبع الأول الي المحرم لأن ابتداء العزم علي الهجرة كان في المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبدءا، وهذا أقوي ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم، (وروي الحاكم) عن سعيد بن المسيب قال جمع عمر الناس فسألهم عن أول يوم يكتب التاريخ فقال علي من يوم هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك أرض الشرك ففعله عمر (وروي) ابن أبي خيثمة من طريق ابن سيرين قال قدم رجل من اليمن فقال رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا وشهر كذا، فقال عمر هذا حسن فأرخوا، ثم ذكر الحافظ آثارا تدل علي اختلافهم في البدء بالتاريخ وفي الشهر الذي يبدء به ثم قال فاستفدنا من مجموع هذه الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (١) {سنده} حدثنا يزيد أنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس الخ {غريبه} (٢) أو للشك من الراوي (٣) {سنده} حدثنا يحي عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال انزل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (٤) تقدم في الطريق الآولي أنه - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه القرآن وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وفي هذا الطريق أنه - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشراً وجمع بينهما بأن المراد بالطريق الأولي أنه مكث بمكة ثلاث عشرة سنة من ابتداء نزول الوحي بالقرآن، وبالطريق الثانية أنه مكث بمكة عشراً يعني غير مدة فترة الوحي وهي ثلاث سنين، وهذا هو الأصح الموافق لما رواه أكثر الرواة والله أعلم؛ أنظر صحيفة ٢٠٩ و ٢١٠ من الجزء العشرين {تخريجه} (ق وغيرهما) ومما يؤيد قول ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث بمكة ثلاث عشرة سنة قول أبي صرمة بن أبي أنس أحد بني عدي بن النجار في قصيدة له ذكرها ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق بعد أن اطمأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داره وأظهر الله بهاديته واشتد سرور الانصار به وأظهروا الأسف علي ما فاتهم أولاً من نصره قال أبو قيس:
تري في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقي صديقا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا

<<  <  ج: ص:  >  >>