-[كلام العلماء فى حكم من دخل المسجد بالروائح الكريهة]-
أتيت مصلَّى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى بركعةٍ فلمَّا صلَّى قمت أقضى فوجد ريح الثُّوم، فقال من أكل هذه البقلة فلا بقر بنَّ مسجدنا حتَّى يذهب ريحها، قال فلمَّا قضيت الصَّلاة أتيته فقلت يا رسول الله إنَّ لى عذرًا، ناولنى يدك، قال فوجدته والله سهلًا (٢) فناولنى يده فأدخلها فى كمِّى إلى صدرى فوجده معصوبًا (٣) فقال إنَّ لك عذرًا
(غريبه) (١) أى مسجده، (٢) أى حيث قد أجاب طلبه وناوله يده بسهولة (٣) أى لمرض، به والظاهر ان مرضه هذا كان يستدعى أكل الثوم للتداوى، قال صاحب بذل المجهود فى شرح سنن أبى داود (ومعنى قوله ان لك عذرًا) ليس هو الرخصة فى أكل الثوم ودخول المسجد بريحه، بل المعنى انك معذور فى أكله وان لم يكن حرامًا من دون العذر أيضًا الا أنه ليس لك دخول المسجد قبل ازالة الرائحة عن فيك هكذا قال اهـ والله أعلم (تخريجه) (د. مذ) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب فيها التصريح بنهى من أكل الثوم والبصل عن دخول كل مسجد قال النووى رحمه الله وهذا مذهب العلماء كافة الا ما حكاه القاضى عياض عن بعض العلماء ان النهى هـ=خاص فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم فى بعض روايات مسلم ((فلا يقربن مسجدنا)) وحجة الجمهور ((فلا يقربن المساجد)) ثم ان هذا النهى انما هو عن حضور المساجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال باجماع من يعتد به، وحكى القاضى عياض عن أهل الظاهر تحريمها لانها تمنع من حضور الجماعة وهى عندهم فرض عين، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم فى احاديث الباب ((كل فانى اناجى من لا تناجى)) وقوله صلى الله عليه وسلم أيها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى (قلت) هذان الحديثان عند مسلم ورواهما الامام احمد أيضًا وسيأتيان فى كتاب الاطعمة فى الباب السادس من أبواب ما يباح اكله (قال النووى) قال العلماء ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها (قال القاضى) ويلحق به من أكل فجلًا وكان يتجشى، قال وقال ابن المرابط ويلحق به من به بخر فى فيه أو به جرح له رائحة، (قال القاضى) وقاس العلماء عن هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ولا يلتحق بها الاسواق ونحوها (قال النووى) وقد اختلف اصحابنا فى الثوم هل كان حرامًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ام كان يتركه تنزهًا وظاهر هذا الحديث (يعنى قوله صلى الله عليه وسلم ايها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى ولكنها شجرة أكره