وينبغي أن يعلم: أن التطريب، والتغني على نوعين: نوع تقتضيه الطبيعة وتسمح به من غير تكلف، وهو لا يحتاج إلى تمرين وتعليم، بل لو حلى شخص وطبعه لصدر منه ذلك التطريب والتلحين، وهذا النوع جائز بالإجماع، ولو أعانته الطبيعة على زيادة تحسين وتزيين، كما قال أبو موسى الأشعري لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا"(١) يعني لو كنت أعلم أنك تستمع قراءتى، لأتممت التزيين والتحسين.
(النوع الثاني): هو ما يحصل من سماحة الطبع، بل يحتاج فيه إلى التعليم، والتمرين، والتكلف، كأصوات المطربين إدا عمدوا إلى الإيقاع بأنواع الألحان، وقرأوا بأصوات وإيقاعات مخصوصة، وهذا النوع مكروه عند جماعات السلف وقد منعوا من القراءة به.
(١) أخرجه البخاري بنحوه (ج ٩ ص ٨١) ومسلم برقم (٧٩٣) (٢٣٦) وهذه الزيادة أوردها أبو يعلى كما في "المجمع" (ج ٧ ص ١٧٠)، فقال أبو موسى: يا رسول الله لو علمت لحبرته لك تحبيرا. وانظر "زاد المعاد في خير هدي العباد" (ج ١ ص ٤٨٤) طبع مؤسسة الرسالة.