كان - صلى الله عليه وسلم - يضمن من يعالج بغير معرفة، عن عمرو بن العاص يرفعه "من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن". ولا خلاف بين العلماء، أن من طبب بغير علم فأهلك المريض لزمه الضمان، وإن حضر طبيبان في حضرته - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى أحذقهما. روى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم: أن رجلا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرح فاحتقن الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظر إليه، فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما:"أيكما أطب؟ " فقالا: أفي الطب خير يا رسول الله، فقال:"الذي أنزل الداء أنزل الدواء".
[فصل في أمر الرسول باجتناب معاشرة أرباب الأمراض]
أمر - صلى الله عليه وسلم - باجتناب معاشرة أرباب الأمراض المعدية، كما في حديث أبي هريرة مرفوعا "فر من المجذوم كما تفر من الأسد" وصح في حديث جابر "أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فقال له: إنا بايعناك فارجع". وفي حديث ابن عباس مرفوعا "لا تديموا النظر إلى المجذومين". وجاء في حديث آخر "كلم المجذوم وبينك وبينه قدر رمح أو رمحين". والجذام مرض خبيث يظهر من انتشار السوداء في جميع البدن، فيفسد مزاج الأعضاء ويغير شكلها وهيأتها. وجد في حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل مع مجذوم طعاما، وأخذ بيده وجعلها معه في القصعة، وقال:"كل بسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه". والجواب عن حديث "لا عدوى ولا طيرة" قالوا: إنما أمر بالاحتراز منهم، لئلا يصل هذا المرض إلى أحد والعياذ بالله، فيتصور له بهذا أن العدوى حق.