لما سحره اليهود، ووصل المرض إلى الذات المقدسة النبوية أمر - صلى الله عليه وسلم - بالحجامة على قمة رأسه المبارك، ومن لاحظ له من الدين والإيمان يستنكر كل هذا العلاج، ولو نقل عن كبار الأطباء كالجالينوس وأرسطاطاليس لم ينكره. ولما وصلت مادة السحر إلى رأسه المبارك، كان يخيل إليه أنه فعل الشئ ولم يكن فعله، وهذا تصرف من الساحر في الطبيعة، واختلطت المادة الدموية بتلك المادة، فغلبتا على بطن الدماغ، فخرج عن طبيعته الأصلية، لأن السحر مركب من تأثيرات الأرواح الخبيثة وانفعال قوى الطبيعة، واستعمال الحجامة في محل تضرر بالسحر غاية الحكمة، ونهاية حسن المعالجة.
ومن جملة العلاجات التي هي عظيمة النفع في السحر الأدوية الربانية من آيات والدعوات المبطلة لذلك، وكان ما كان أقوى بطل به السحر عاجلا، لا جرم لما نزلت المعوذتان بطل السحر بالكلية.
[فصل في قول النبي عن العلاج بالقئ]
كان - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأحيان يعالج البدن بالقئ. عن أبي الدرداء "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قاء فتوضأ، فلقيت ثوبان، فذكرت له ذلك، فقال: صدق أنا صببت له وضوءه". وألقئ أحد الاستفراغات الخمس التي هي أصل أنواع الاستفراغات وهي: الإسهال، والقئ، وإخرج الدم، وخروج الأبخرة، والعرق، وقد وردت السنة بالخمس كما ذكرناه.