للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في عادة الحضرة النبوية - صلى الله عليه وسلم - حال قراءة القرآن واستماعه وكمال خضوعه وخشوعه وبكائه حال سماعه]

كان له - صلى الله عليه وسلم - في اليوم وظيفة معينة، يتلوها لا يتركها أبدا إلا لضرورة، وكان يقرأ مرتلا، مفسرا، مبينا، حرفا حرفا، ويقف عند آخر كل آية، ويتمم المد في حروف المد، كالمد في الرحمن الرحيم، فإنه كان يتمم المد في كل.

وكان يقول في أول القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وفي بعض الأوقات يقول: "اللهم إنى أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه أو نفخه ونفثه" وكان يحب سماع القرآن من الغير" (١).

وأمر عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن يقرأ عليه القرآن فلما أخذ في القراءة استمع له - صلى الله عليه وسلم - وأخذ في الخشوع والتضرع والبكاء حتى جرى ماء عينيه" (٢).

وكان يقرأ القرآن على كل حال قائما، وقاعدا، ونائما، متوضأ، وغير متوضأ، ولم يكن يمنعه شيء من القراءة غير الجنابة، وكان يتغنى بالقرآن في بعض الأوقات، ويرجع في ذلك كما يفعله من الحفاظ من كان حسن الصوت، وكذا قراءة سورة الفتح في يوم فتح مكة.

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "زينوا القرآن بالأصوات الحسنة" وقال: "من لم يتغن بالقرآن فليس منا" (٣) قيل لراوى الحديث: فإن كان شخص لا يحسن ذلك؟ قال: يبذل طاقته فيما استطاع من تحسين القراءة.


(١) انظر صحيح البخاري (ج ٩ ص ٨١)، ومسلم برقم (٧٩٣، ٢٣٦).
(٢) أخرجه البخاري (ج ٩ ص ٨٥) ومسلم برقم (٨٠٠)، وأبو داود برقم (٣٦٦٨)، والترمذي برقم (٣٠٢٧).
(٣) رواه أبو داود بإسناد جيد، برقم (١٤٧١)، وهو في صحيح البخاري (ج ١٣ ص ٤٦٨) من حديث أبي هريرة بنحوه، ومعنى "يتغنى" يحسن صوته بالقرآن انظر رياض الصالحين (ص ٤٢٣).

<<  <   >  >>