للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قص الشارب]

كان - صلى الله عليه وسلم - يقص شاربه ويقول: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" (١) وقال "خالفوا المجوس، جزوا الشوارب وارخوا اللحى" (٢) وفي الصحيحين: "خالفوا المشركين، وفروا اللحى، واحفوا الشوارب" وفي صحيح مسلم عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لقص الشارب، وتقليم الأظافر، أن لا يدع ذلك أربعين يومًا" (٣) وفي قص الشارب للعلماء أقوال.

قال الإمام مالك يكتفى في ذلك أن يظهر طرف الشفة، ولا يزيد على ذلك، لئلا يصير مثله، وحلق الشارب بدعة، يعزر فاعله، قال الطحاوي: ولا نص للإمام الشافعي، لكن رأيت أصحابه مثل المزنى والربيع يحفون، وهذا دليل على أنهم أخذوه عنه.

وأما الإمام أبو حنيفة، وزفر، وأبو يوسف، ومحمد مذهبهم الإحفاء، والإحفاء الأخذ من الأضل.

وقد ثبت في الحديث أن - صلى الله عليه وسلم - أخذ من شاربه على سواك. هذا لا يتصور مع الإحفاء، والحديث المتفق عليه: "عشرة من الفطرة قص الشارب" (٤) إلى آخره، صريح في القص، والقص مع الإحفاء غير متصور.

قال الطحاوي: لما كان استحباب القص مجمعًا عليه، كان الحلق أفضل قياسًا على الرأس، وفي هذا القياس نظر. لأن في إحفاء الشارب قبحًا ظاهرًا ونوع مثله.


(١) ورد هذا الحديث بروايات كثيرة، فرواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة (وفروا).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه في كتاب الطهارة والبخارى في كتاب اللباس والنسائي في الزينة.
(٣) أخرجه صحيح مسلم في كتاب الطهارة، والترمذي في الأدب، والنسائي في الزينة.
(٤) انظر صحيح البخاري في اللباس. باب: قص الشارب وباب: تقليم الأظافر (٤/ ٣٨، ٣٩)، ومسلم في الطهارة. باب: خصال الفطرة (٤٩، ٥٠)، وسنن أبي داود في الترجل. باب: في أخذ الشارب (٤١٩٨)، والترمذي في الأدب باب: ما جاء في تقليم الأظافر (١٠/ ٢١٥)، وابن ماجة في الطهارة باب الفطرة (١٩٤). وأحمد في المسند (٤/ ٢٦٤) وانظر: تحفة الودود بأحكام المولود لابن قيم الجوزية (ص ١١٢، ١١٣).

<<  <   >  >>