للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان - صلى الله عليه وسلم - يشرب قاعدًا. وينهى أن يشرب أحد قائمًا. وكان يقول: "من نسى فشرب قائمًا فليتقيا" (١) "لكن ثبت في الصحيح أنه شرب قائمًا" (٢) كما ذكرناه في الحج قال بعضهم: هو ناسخ للنهى وقال بعضهم: هذا مبنى على أن النهى لم يكن للتحريم وإنما كان للإرشاد.

وقال بعضهم: ليس فيه تعارض، لأنه إنما شرب قائمًا للضرورة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في الإناء ثلاث (٣). ويقول "إنه أروى، وأمرأ، وأبرأ، وقال: "غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، وسقاء ليس عليه وكاء، إلا وقع فيه من ذلك الداء" (٤).

ونهى عن الشرب من ثلة القدح - يعني من المكان المكسور - وكان يشرب الحليب المحض. وقد يمزجه بالماء، ويقول: "ليس شيء يجزى عن الطعام والشراب غير اللبن" وكان ينقع التمر في الماء ليلة، وليلتين، وثلاث ليال، ثم يشربه، وما بقى مما مضى عليه ثلاث ليال يسقيه بعض الغلمان أو يأمر بإراقته.

[فصل تدبير النوم واليقفة]

وأما تدبير النوم واليقظة، فكان على أعدل الوجوه. كان - صلى الله عليه وسلم - ينام الليل ويقوم أول النصف الثاني، فيتسوك ويتوضأ ويتهجد على الوجه الذي بيناه لا جرم أن البدن والأعضاء أخذت من النوم والراحة والرياضة بأتم حظ، وأوفر أجر، وأكمل عبادة.

وكان لا يزيد في النوم على القدر المحتاج إليه ولا يمنع النفس من قدر


(١) أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم (٢٠٢٦) وأورده النووي في رياض الصالحين (ص ٣٥٠).
(٢) انظر صحيح البخاري (ج ١٠ ص ٧١) وأبو داود حديث رقم (٣٧١٨) والنسائي (ج ١ ص ٨٤، ٨٥).
(٣) انظر صحيح البخاري (ج ١٠ ص ٨١) ومسلم برقم (٢٠٢٨) والترمذي (١٨٨٥) وأبي داود (٣٧٢٧).
(٤) انظر صحيح البخاري.

<<  <   >  >>