للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في عادة الرسول في معالجة الأمراض]

استطلاق البطن حيث كان من كثرة المادة عولج بتقوية الإطلاق كما في الصحيحين: "أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أخي يشتكي بطنه، فقال: "اسقه عسلا" فذهب ثم رجع فقال: قد سقيته فلم يغن عنه شيئا - وفي لفظ - فلم يزده إلا استطلاقا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول "اسقه عسلا" فقال له في الثالثة أو الرابعة: "صدق الله وكذب بطن أخيك" (١).

وفي صحيح مسلم "إن أخي عرب بطنه - أي فسد هضمه - واعتلت معدته" (٢) وفي تكرار الأمر بشرب العسل نكتة لطيفة من حديث أن الدواء ينبغي أن يكون له مقدار، وكمية بحسب حال الرض، حتى لو قصر عن ذلك يزيل الرض بالكلية، وإن زاد عن ذلك أسقط القوى، وزاد المرض.

ولما لم يعط في كل نوبة ما يقاوم المرض، لا جرم كان الإطلاق يزداد، وكان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بإعادة شرب العسل وحيث وصل إلى حده قال - صلى الله عليه وسلم -: "صدق الله وكذب بطن أخيك" (٣) وكذب البطن عبارة عن كثرة المادة الفاسدة.

وأعلم أن الطب النبوى، لا نسبة له من طب الأطباء، لأن الطب النبوى متيقن النجاح قطعا لأنه صادر عن الوحي الإلهى، ومشكاة النبوة، وكمال العقل، وأما طب الغير غالبا، فإنه مأخوذ من الحدس، والظن، والتجربة، وهذا مثار الخطر، ومن لا ينتفع بالطب النبوى، فينبغى أن يعلم يقينا، أنه من نقص إيمانه، ومن تلقاه بالقبول، والصدق، وحسن الاعتقاد، انتفع به البتة، كما أن القرآن الكريم، شفاء لما في الصدور والقلوب، ومن لم يتلقه بالقبول، والإخلاص، زاد مرضه ووباله.


(١) أخرجه الشيخان، انظر صحيح البخاري (ج ١٠ ص ١١٨)، صحيح مسلم (ج ٤ ص ١٧٣٦).
(٢) انظر صحيح مسلم (ج ٤ ص ١٧٣٦).
(٣) انظر صحيح البخاري (١٠/ ١١٨).

<<  <   >  >>