للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكراهة ذلك وعده من البدع، واختار جمهور العلماء الطريق المستقيم المتوسط وقالوا: باستحبابه.

قال الإِمام مالك: إن فعل ذلك للاستراحة فحسن، والسر في الاضطجاع على الجنب الأيمن أن يغلبه النوم؛ لأن القلب معلق في الجانب الأيسر، فلو اضطجع عليه لاستقر القلب وغلبت الراحة، وثقل النوم، وإذا اضطجع على شقه الأيمن، طلب القلب مستقره فقلق وأبطأ النوم لذلك، وإن جاء النوم فلا يكون ثقيلا, ولهذا اختار الأطباء النوم على الشق الأيسر طلبا لكمال الراحة، واختار صاحب الشرع الشق الأيمن طلبا لخفة النوم، وسرعة قيام الليل. وحاصلة أن النوم على الجانب الأيمن ينفع، وعلى الجانب الأيمن ينفع البدن، والله أعلم.

[فصل في قيام الليل]

اختلف العلماء في قيام الليل هل كان فرضا على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سنة؟ ولكليهما دليل واحد وهو آية التنزيل {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (١) قالت طائفة: هذا صريح في عدم الوجوب، وقال آخرون: هذا صريح في وجوب قيام الليل والتهجد كما جاء الأمر به في مكان آخر وهو: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (٢) ولم يرد صريح نسخ.

وأما قوله: {نافلة} فلو كان المراد به التطوع لما خصص بقوله {لك} بل المراد الزيادة، ومطلق الزيادة لا تدل على التطوع، بل تدل على زيادة الدرجات، ولهذا خص به، لأن قيام الليل في حق غيره مباح ومكفر


(١) سورة الإسراء آية ٩٧.
(٢) سورة المزمل آية ١.

<<  <   >  >>