للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل في عادة الرسول في أحواله العمومية]

باع سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشترى، لكن بعد نزول الوحي كان الشراء غالبا، والبيع قليلًا، وأما بعد الهجرة فلم يحفظ البيع، إلا في ثلاث صور والشراء كثير، وأجر - صلى الله عليه وسلم - واستأجر، والاستئجار أغلب، وحفظ أنَّه قبل النبوة أجر نفسه لرعى الغنم، وأجر نفسه لخديجة ليتجر لها (١).

وفي صحيح مسلم، أنَّه أجر نفسه من خديجة مرتين، وفي سفرتين كل سفرة بجمل، وشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - ووكل، وتوكل، وكان التوكيل أكثر، وأهدى له - صلى الله عليه وسلم - وقبل الهدية، وعوض عنها، ووهب له - صلى الله عليه وسلم - وقبل الهبة.

وحصل لسلمة بن الأكوع في بعض الغزوات، جارية حسناء، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: هبها لي، فأخذها، وفادى بها جماعة من الأسرى بمكة، وخلصهم من الأسر.

واقترض - صلى الله عليه وسلم - برهن، وبغير رهن، واستعار واشترى بنقد ونسيئة، وضمن عن الله عَزَّ وَجَلَّ، ضمانا خاصا. كما قال: "من ضمن لي ما بين لحييه (٢) وما بين رجليه ضمنت له الجنة" (٣) ومثل هذا الضمان في السنة كثير.

وضمن ضمانا عاما عمن مات، وعليه دين، ولم يترك وفاء دينه. وكان - صلى الله عليه وسلم - يشفع ويشفع إليه، وشفع لمغيث عند امرأته بريرة. فلم تقبل الشفاعة، ولم يغضب عليها ولم يعاتبها، وكان يكثر القسم بالله، والثابت من ذلك يزيد على ثمانين موضعا.

وأمر الله تعالى نبيه بالقسم في ثلاثة مواضع:


(١) انظر: عيون الأثر لابن سيد الناس، وابن حجر في الإصابة وغيرهما، وفتح البارى لابن حجر (ج ٧ ص ٩١).
(٢) ما بين لحييه: هو اللسان. وما بين رجليه: الفرج. انظر: رياض الصالحين ص ٥٧٠.
(٣) أخرجه البخاري (ج ١١ ص ٢٦٤)، وأخرجه الترمذي (٢٤٠٨).

<<  <   >  >>