يا رسول الله؟ قال:"الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله"(١).
وينبغي أن يعلم أن نصيب الشخص، من انشراح الصدر، وسعة القلب، بحسب نصيبه من كثرة النور، ومن هذه الجهة للنور المحسوس أيضا من فرح الخاطر، وشرح الصدر، حظ وافر، والظلمة المحسوسة بعكس ذلك.
ومن جملة أسباب دلك أيضا العلم، فإن العلم يجعل كل زاوية من روايا القلب، أوسع، وأشرح من السماء والأرض، وكلما زاد علم الشخص، زاد انشراح صدره، وليس المراد من هذا كل علم، بل العلم المورث من الأنبياء. فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، أشار إلى ذلك العلم.
وأهل ذلك أوسع قلبا، وأطيب عيشا، وأحسن خلقا، من سائر الخلق ومن هذا العلم تتولد الإنابة، ومحبة الحق، وللمحبة في شرح الصدر مدخل عظيم، وكلما نمت المحبة، وقويت، زاد شرح الصدر، وكمل، وأعظم أسباب ضيق الصدر وأقوى موجباته الإعراض عن الحق، وتعلق القلب بغير ذلك الجناب، والغفلة عن ذكر الحق، ومحبة غيره.
ومن أحب غير الحق عذب به، وحبس معه، ولم يك في العالم أسوأ حظا منه، ولا أمر عيشة ولا أكثرهما، لأن المحبة محبتان:
إحداهما: سرور النفس، ولذة القلب، ونعيم الروع، ودواء الهموم، وهي محبة الحق سبحانه وتعالى بكل قلب.
(١) أخرجه الطبراني في تفسيره (ج ١٢ ص ١٠٠، ١٠١) من طريقين عن عبد الله بن مسعود، وكلاهما ضعيف، وأورده ابن الجوزي في تفسيره (ج ٣ ص ١١٩ - ١٢٠)، وابن كثير (ج ٣ ص ١٧٤)، بعد أن ذكره من طريق مرسل عن أبي جعفر الهاشمى، وقال. فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا. وانظر تعليق الأستاذ محمود شاكر على الحديث في تفسير الطبرى (ج ١٢ ص ٩٩، ١٠٠).