(٢) فجعل - رضى الله عنه - الخلافة شورى في هؤلاء الستة. . . وقصة البيعة في ذلك لعثمان - رضى الله عنه - مشهورة معلومة، ورد في بعض طرقها قول عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: (إني رأيت الناس لا يعدلون بعثمان)، فبايعه: علي، وعبد الرحمن، وسائر الستة، والمسلمين، بيعة رضى واختيار، من غير رغبة أعطاهم إياها، ولا رهبة خوفهم ها. وهذا إجماع من الصحابة على تقديم عثمان على علي - رضى الله عنهما -؛ فلهذا قال أيوب السختياني، والإمام أحمد، وأبو الحسن الدارقطني: (من قدم عليًا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين، والأنصار) اهـ؛ فإنه إن لم يكن عثمان - رضي الله عنه - أحق بالتقديم وقد قدموه كانوا: إما جاهلين بفضله، وإما ظالمين بتقديم المفضول من غير ترجيح ديني. . ومن نسبهم إلى الجهل، والظلم فقد أزرى بهم. ولو زعم زاعم أنهم قدموا عثمان - رضى الله عنه - لضغن كان في نفس بعضهم على على - رضى الله عنه -، وأن أهل الضغن كانوا ذوي شوكة، ونحو ذلك مما يقوله أهل الأهواء فقد نسبهم إلى العجز عن القيام بالحق، وظهور أهل الباطل منهم على أهل الحق. وهذا وهُم في أعز ما كانوا، وأقوى ما كانوا؛ فإنه حين مات عمر - رضي الله عنه - كان الإسلام من القوة، والعز، والظهور، والاجتماع، والائتلاف فيما لم يصيروا في مثله قط. وكان عمر - رضي الله عنه - أعز أهل الإيمان، وأذل أهل الكفر والنفاق إلى حد بلغ في القوة والظهور مبلغًا لا يخفى على من له أدنى معرفة بالأمور. فمن جعلهم في مثل هذه الحال =