أبا بكر، فلما بلغ عليًا أمره طلب قتله، فهرب منه. وقد سأل هارونُ الرشيد الإمامَ مالكَ بن أنس عن منزلتهما من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: (منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته). وحكى الإمام مالك الإجماع على تقديم أبي بكر، وعمر - رضى الله عنهما - على غيرهما، قال: (ما أدركت أحدًا ممن أقتدي به يشك في تقديم أبي بكر، وعمر) اهـ، وهو مذهب أهل المدينة، والشام، ومصر، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، وحماد بن زيد، وابن سلمة، وأمثالهم من أهل العراق. وهذا أمر لم يتنازع فيه أحد من أهل العلم بسيرته، وسننه، وأخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، واتفق عليه أئمة المسلمين، المشهورون بالإمامة والفضل، والصدق والعلم، واتفقوا على تبديع من خالف فيه ... فأين مِنْ تأمّل هذه الأحاديث، وتدبّر ما شاكلها، والنظر فيما هو معروف من سيرتهما - رضى الله عنهما -، وما هو مشهور من كمال صحبتهما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع كمال المحبة والإتلاف، والدين والعلم، والشجاعة والحلم، ونشر دين الله - عز وجل - في الآفاق من لم يعتصم بالكتاب والسنة - وفيهما النجاة - فيطعن في الشيخين الجليلين - رضى الله عنهما -، ويذكرهما بغير الخير، ويقدم بعض الصحابة علبهما، ويرى أنهم أفضل منهما لغير دليل أو حجة، أو أدنى مسكة من علم وفهم؟ أعوذ بالله من كل بدعة وجهالة، وغواية وضلالة، وخروج عن حدود ما جاء في كتاب الله - سبحانه وتعالى -، والثابت من سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومنهج أصحابه - رضي الله عنهم جميعا -، والذين اتبعوهم بإحسان. - وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (١/ ٨٣) رقم الحديث/ ٤٩، و (١/ ٢٩٤) رقم/ ٣٨٧، والمحلى (١١/ ٢٨٦)، وتاريخ ابن عساكر (٤٤/ ٣٦٥)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٣٩٨ - ٤١٣، ٤٢١ - ٤٣٠)، والفتح (١٣/ ٣٢٠)، والحديث المتقدم برقم/ ٥٩٠، ورسلة الإمام محمد بن عبد الوهاب في الرد على الرافضة (ص/ ٨ - ١٢).