إنَّ مَثَلَ القرآن ومَثَلَ الناس في هذا الزمان، هو كثلاثة مسافرين تَاهُوا في الصحراء بليل مظلم! صحارى وظلمات لا أول لها ولا آخر .. !
فبينما هم كذلك إذ شاهدوا في السماء نجمًا مُذَنَّبًا لَاهِبًا، لم يزل يخرق ظلمات الأفق بنوره العظيم، حتى ارتطم بالأرض!
فافترقوا ثلاثتهم إزاءه على ثلاثة مواقف:
فأما أحدهما: فلم يُعِرْ لتلك الظاهرة اهتمامًا، بل رآها مجرد حركة من حركات الطبيعة العشوائية!
وأما الآخران: فقد هرعا إلى موقع النَّيْزَكِ فالتقطا أحجاره المتناثرة هنا وهناك .. وكانا في تعاملهما مع تلك الأحجار الكريمة على مذهبين:
فأما أحدهما: فقد أُعْجِبَ بالحجر؛ لِمَا وجد فيه من جمال وألوان ذات بريق، وقال في نفسه:
لعله يستأنس به في وحشة هذه الطريق المظلمة، ثم دسه في جرابه وانتهى الأمر!
وأما الآخر: فقد انبهر كصديقه بجمال الحجر الغريب! وجعل يقلبه في يده، ويقول في نفسه: لا بد أن يكون هذا المعدن النفيس القادم من عالم الغيب يحمل سِرًّا! لا يجوز أن يكون وقوعه على الأرض بهذه الصورة الرهيبة عبثًا! كلاَّ كلاَّ! لا بد أن في الأمر حكمةً ما! ثم جعل يفرك حجرًا منه بحجر، حتى تطاير من بين معادنه الشَّرَر .. ! وانبهر الرجل لذلك؛ فازداد فركًا للحجر، فازداد بذلك تَوَهُّجُ الشَّرَرِ ..
وجعلت حرارة معدنه تشتد شيئًا فشيئًا؛ حتى وجد ألم ذلك بين كفيه! بل جعلت الحرارة الشديدة تسري بكل أطراف جسمه، وجعل الألم يعتصر