اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، وارزقنا اللهم شفاعته، وأوردنا حوضه، واحشرنا تحت لوائه، اللهم واجزه عنا خير الجزاء وأوفاه وأتمه.
يقول الطاهر ابن عاشور (ت: ١٣٩٣) في تفسير قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة: ٤٣]: «وافتتاح العتاب بالإعلام بالعفو إكرام عظيم، ولطافة شريفة، فأخبره بالعفو قبل أن يباشره بالعتاب.
وفي هذا الافتتاح كناية عن خفة موجب العتاب لأنه بمنزلة أن يقال: ما كان ينبغي، وتسمية الصفح عن ذلك عفوًا ناظر إلى مغزى قول أهل الحقيقة: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وألقي إليه العتاب بصيغة الاستفهام عن العلة إيماء إلى أنه ما أذن لهم إلا لسبب تأوَّله ورجا منه الصلاح على الجملة بحيث يسأل عن مثله في استعمال السؤال من سائل يطلب العلم، وهذا من صيغ التلطف في الإنكار أو اللوم، بأن يظهر المنكر نفسه كالسائل عن العلة التي خفيت عليه، ثم أعقبه بأن ترك الإذن كان أجدر بتبيين حالهم، وهو غرض آخر لم يتعلق به قصد النبي ﷺ.
وحذف متعلق (أذنت) لظهوره من السياق، أي لم أذنت لهم في القعود والتخلف.
و (حتى) غاية لفعل أذنت؛ لأنه لما وقع في حيز الاستفهام الإنكاري كان في حكم المنفي فالمعنى: لا مقتضي للإذن لهم إلى أن يتبين الصادق من الكاذب.
وفي زيادة (لك) بعد قوله: (يتبين) زيادة ملاطفة بأن العتاب ما كان إلا عن تفريط في شيء يعود نفعه إليه، والمراد بالذين صدقوا: الصادقون في إيمانهم،