للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثلُ المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر» (١).

في هذا الحديث حض على تعاهد القرآن، بتشبيه معقول بمحسوس، فلما كان طيب المطعم وطيب الرائحة في النفس المؤمنة عقليين وكانت الأمور العقلية لا تبرز عن موصوفها إلا بتصويرها بصورة المحسوس المشاهد، شبه بالأترجة الموجود فيها ذلك حسًّا تقريبًا للفهم والإدراك، فطيب المطعم في النفس المؤمنة الإيمان لأنه ثابت في النفس هي به طيبة الباطن كثبوته في الأترجة، والطيب الرائحة فيه يرجع إلى قراءته القرآن لأن القراءة قد يتعدى نفعها إلى الغير فينتفع بها المستمع، كما أن طيب رائحة الأترجة تتعدى وينتفع بها المستروح، أي الشَّام.

والمراد بقوله: (يقرأ القرآن): بصيغة المضارع الدوام والاستمرار على تلاوته؛ لأن المقصود من حفظ القرآن تعاهده بكثرة التلاوة للوقوف على أسرار معانيه، والاتعاظ بكريم مواعظه، والعمل بشريف أوامره ونواهيه (٢).

وعن عقبة بن عامر، قال: خرج رسول الله ونحن في الصفة، فقال: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كَومَاوَينِ في غير إثمٍ، ولا قطع رحم؟»، فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله ﷿، خير له


(١) رواه البخاري: (٥٠٥٩)، ومسلم: (٧٩٧).
(٢) انظر: إكمال إكمال المُعلِّم للأبي: (٣/ ١٣٨ - ١٣٩)، وفتح الباري، ابن حجر: (٨/ ٦٨٤).

<<  <   >  >>