للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذين الحديثين أصلٌ لتحزيب القرآن، وتقسيمه حتى يسهل تعاهده، وقد اشتهر هذا التحزيب عند الصحابة .

فقد كان أصحاب رسول الله يقسمون القرآن ويحزبونه، قالت عائشة : «إني لأقرأ جزئي - أو قالت: حزبي - وإني لمضطجعة على السرير» (١).

وعن عبد الله بن مسعود قال: «لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، اقرؤه في سبع، ويحافظ الرجل كل يوم وليلة على جزئه» (٢).

قال ابن تيمية: «فالصَّحابة إنما كانوا يحزبونه سورًا تامة، لا يحزِّبون السورةَ الواحدة».

ثم قال: «وفيه أنَّهم حزبوه بالسور وهذا معلوم بالتواتر؛ فإنَّه قد علم أن أول ما جزئ القرآن بالحروف تجزئة ثمانية وعشرين وثلاثين وستين، هذه التي تكون رءوس الأجزاء والأحزاب في أثناء السورة وأثناء القصة ونحو ذلك، كان في زمنِ الحجاج وما بعده وروي أنَّ الحجاج أمر بذلك.

ومن العراق فشا ذلك، ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك.

وإذا كانت التجزئة بالحروفِ محدثة من عهد الحجاج بالعراق، فمعلومٌ أن الصحابة قبل ذلك على عهد النبي وبعده كان لهم تحزيب آخر؛ فإنهم كانوا يقدرون تارة بالآيات فيقولون: خمسون آية، ستون آية. وتارة بالسور، لكن


(١) رواه عبد الرزاق في مصنفه: (١/ ٣٤٠)، ورواه ابن أبي شيبة: (٧/ ١٩٠).
(٢) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٥٩٤٨)، من حديث ابن مسعود، والطبراني في الكبير (٨٧٠٧)؛ والبيهقي (٢/ ٣٩٦)، قال ابن حجر في الفتح (٩/ ٧١٤): «عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح».

<<  <   >  >>