للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خطاب، ولا يحويه كتاب، كما أن في تدبر القرآن وتفهمه من مزيد العلم والإيمان مالا يحيط به بيان» (١).

ولم تكن قراءة أبي موسى إلا قراءة عالم لعلماء يتفهمون عن طريق هذا السماع كلام ربهم سبحانه، وينزلونه على أدوائهم فتحدث الأثر المطلوب.

وكانوا يعقدون مجالس للتثوير، والمذاكرة، وعرض الفهوم في الآيات الكريمة، ومنه: ما ورد عن ابن عباس، قال: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأنَّ بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله، فقال عمر: إنه من قد علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رُئِيتُ (٢) أنَّه دعاني يومئذ إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾ [النصر: ١]؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: «هو أجل رسول الله أعلمه له»، قال: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾ [النصر: ١] «وذلك علامة أجلك»، ﴿فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا﴾ [النصر: ٣]، فقال عمر: (ما أعلم منها إلا ما تقول)» (٣).

وكانوا يعقدون المجالس لمذاكرة الكتاب وتدارسِه، ومنه: قال ابن زيد في قوله: ﴿وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم﴾ [البقرة: ٢٠٦] إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ٢٠٧﴾ [البقرة: ٢٠٧] قال: كان عمر بن الخطاب إذا صلى السبحة


(١) مجموع الفتاوى: (١٠/ ٨١).
(٢) فتح الباري: (٨/ ٦٠٨).
(٣) رواه البخاري: (٤٩٧٠).

<<  <   >  >>