للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفرغ دخل مربدًا له، فأرسل إلى فتيان قد قرءوا القرآن، منهم ابن عباس، وابن أخي عيينة، قال: فيأتون فيقرءون القرآن ويتدارسونه، فإذا كانت القائلة انصرف. قال فمروا بهذه الآية: ﴿وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم﴾ [البقرة: ٢٠٦]، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ٢٠٧﴾ [البقرة: ٢٠٧]، قال ابن زيد: وهؤلاء المجاهدون في سبيل الله. فقال ابن عباس، لبعض من كان إلى جنبه: اقتتل الرجلان. فسمع عمر، ما قال، فقال: وأي شيء قلت؟ قال: لا شيء يا أمير المؤمنين. قال: ماذا قلت؟ اقتتل الرجلان؟ قال: فلما رأى ذلك ابن عباس، قال: أرى هاهنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم، وأرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله؛ يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله، فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم، قال هذا: وأنا أشتري نفسي فقاتله، فاقتتل الرجلان. فقال عمر: لله بلادك يا ابن عباس» (١).

ومن شأنهم سؤال العلماء بالكتاب أهل الرسوخ عنه، ورد كلام بعضهم لبعض للوصول للمراد بالآية الكريمة، ومنه: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، حدثه قال: «بينما أنا في الحجر جالس، أتاني رجل يسأل عن ﴿العاديات ضبحا﴾ [العاديات: ١] فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني، فذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم، فسأله عن ﴿العاديات ضبحا﴾ [العاديات: ١] فقال: سألت عنها أحدًا قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابن عباس، فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله، قال: اذهب فادعه لي؛ فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به، والله لكانت أول غزوة في الإسلام لبدر، وما


(١) الطبري: (٣/ ٥٨٨).

<<  <   >  >>