للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: كما أنَّ الربيع زمان إظهار آثار رحمة الله تعالي، وإحياء الأرض بعد موتها، كذلك القرآن يظهر منه تباشير لطف الله من الإيمان والمعارف، وتزول به ظلمات الكفر والجهالة والهموم» (١).

القرآن راحة لقلبك، وسكون لنفسك في زمان القلق، السكينة المفقودة!

إنَّ القرآن العظيم له كبير الأثر في تحصيل هذه السكينة، وتلك السكينة «إذا نزلت على القلب اطمأن بها، وسكنت إليها الجوارح، وخشعت، واكتسبت الوقار، وأنطقت اللسان بالصواب والحكمة، وحالت بينه وبين قول الخنا والفحش، واللغو والهجر، وكل باطل» (٢).

وعن البراء، قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين (٣)، فتغشَّته سحابة فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي فذكر ذلك له، فقال: «تلك السكينة تنزلت للقرآن» (٤).

فالسكينة .. السكينة يا أهل القرآن

إنَّ المرء ليشتاق إلى قارئ هادئ القراءة إذا سمعته حسبت أنَّه يخشى الله!

إنَّ الصوت المرتفع قد يجلب مزيدًا من البكاء، لكنه يبعد كثيرًا من السكينة! ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣]!

إنَّ رفع الصوت بصورة مزعجة في القراءة، ليست من سنن الهدي، «قال قيس بن عباد: -وهو من كبار التابعين -: (كانوا يستحبون خفض الصوت: عند الذكر، وعند القتال، وعند الجنائز).


(١) انظر: شرح المشكاة: (٦/ ١٩١٠).
(٢) مدارج السالكين: (٢/ ٤٧٣).
(٣) أي: مربوط بحبلين، والشطن: الحبل الذي تربط به الدابة، ويستقى به الماء.
(٤) رواه البخاري: (٥٠١١)، ومسلم: (٧٩٥).

<<  <   >  >>