الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومن اقتفَى أثرَهُ، واتَّبعَ هدْيَهُ، واستنَّ بسنتِهِ، أمَّا بعدُ:
فقد أرسلَ اللهُ ﷿ محمدًا ﷺ بالهدى ودينِ الحقِّ؛ رحمةً للعالمينَ، وأنزلَ عليه كتابًا مبينًا، أَمرَنا بتلاوتِهِ، وتدبُّرِ آياتِهِ، ومعرفةِ أحكامِهِ، والوقوفِ على حلالِهِ وحرامِهِ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]، وقال سبحانه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [النساء: ٨٢]، وقال النبيُّ الكريمُ ﷺ:«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»(١).
ولقد تسابقَ أهلُ العلمِ إلى مدارسةِ كتابِ اللهِ وتفسيرِهِ: بيانًا لألفاظِهِ ومعانيهِ، واستنباطًا لأحكامِهِ ومقاصدِهِ، فصنَّفوا التفاسيرَ العظيمةَ المباركةَ؛ ومِن هؤلاء الأئمةِ: العلَّامةُ الشيخُ عبدُ الرحمنِ بنُ ناصرِ بنِ عبدِ اللهِ السعديُّ (ت ١٣٧٦ هـ)﵀ بتصنيفِهِ كتابَهُ الموسوم ب «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان»؛ حيث قرَّبَ به التفسيرَ للأمةِ، في أسلوبٍ سهلٍ، وعباراتٍ واضحةٍ، وعقيدةٍ صحيحةٍ؛ فكتبَ اللهُ لهذا التفسيرِ القبولَ والذيوعَ؛ فكان من أكثرِ كتبِ التفسيرِ في هذا العصرِ طباعةً وتداولًا.