[فصل في ذكر الفوائد والثمرات المترتبة على التحقق بهذه العقائد الجليلة]
اعلَمْ أنَّ خيرَ الدنيا والآخرةِ من ثمراتِ الإيمانِ الصحيحِ، وبهِ يحيا العبدُ حياةً طيبةً في الدارينِ، وبهِ ينجو من المكارهِ والشرورِ، وبهِ تخفُّ الشدائدُ، وتُدركُ جميعُ المطالبِ. ولنُشِرْ إلى هذهِ الثمراتِ على وجهِ التفصيلِ؛ فإنَّ معرفةَ فوائدِ الإيمانِ وثمراتهِ من أكبرِ الدواعِي إلى التزودِ منه:
* فمن ثمراتِ الإيمانِ: أنهُ سببُ رضا اللهِ الذي هوَ أكبرُ شيءٍ، فما نالَ أحدٌ رضا اللهِ في الدنيا والآخرةِ إلا بالإيمانِ وثمراتهِ، بلْ صرَّحَ اللهُ بهِ في كتابهِ في مواضعَ كثيرةٍ (١)، وإذا رضيَ اللهُ عن العبدِ قَبِلَ اليسيرَ من عملهِ ونماهُ، وغفَرَ الكثيرَ من زللِهِ ومحاهُ.
* ومنها: أنَّ ثوابَ الآخرةِ، ودخولَ الجنةِ والتنعمَ بنعيمِها، والنجاةَ من النارِ وعقابِها؛ إنما يكون بالإيمانِ، فأهلُ الإيمانِ هم أهلُ الثوابِ المطلقِ، وهم الناجونَ من جميعِ الشرورِ.
* ومنها: أنَّ اللهَ يدفعُ ويدافعُ عن الذينَ آمنوا شرورَ الدنيا والآخرةِ، فيدفعُ عنهم كيدَ شياطينِ الإنسِ والجنِّ؛ ولهذا قالَ تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)﴾ [النحل: ٩٩]، ولما ذكَرَ إنجاءَهُ ذا النونِ قال: ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٨] أي: من الشدائدِ والمكارهِ إذا وقعُوا فيها.