للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمانُ -بنفسهِ وطبيعتهِ- يدفعُ الإقدامَ على المعاصِي، وإذا وقعَتْ من العبدِ دفعَ عقوباتِها بالمبادرةِ إلى التوبةِ، كما قالَ : «لا يَزْنِي الزَّانِي حِيْنَ يَزْنِي وهوَ مُؤْمِنٌ … » إلى آخرِ الحديثِ (١)، فبيَّنَ أنَّ الإيمانَ يدفعُ وقوعَ الفواحشِ، وقالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)[الأعراف: ٢٠١].

* ومنها: أنَّ اللهَ وعدَ المؤمنينَ القائمينَ بالإيمانِ حقيقةً بالنصرِ، وأحقَّهُ على نفسهِ، فمَن قامَ بالإيمانِ ولوازمهِ ومتمماتهِ فلهُ النصرُ في الدنيا والآخرةِ، وإنما ينتصرُ أعداءُ المؤمنينَ عليهم إذا ضيَّعُوا الإيمانَ، وضيَّعُوا حقوقَهُ وواجباتهِ المتنوعةَ.

* ومنها: أنَّ الهدايةَ من اللهِ للعلمِ والعملِ ولمعرفةِ الحقِّ وسلوكهِ هيَ بحسبِ الإيمانِ والقيامِ بحقوقهِ، قالَ تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: ١٦]، ومعلومٌ أنَّ اتباعَ رضوانِ اللهِ -الذي هوَ حقيقةُ الإخلاصِ- هوَ روحُ الإيمانِ وساقُهُ الذي يقومُ عليهِ.

وقالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: ١١]، فهذه هدايةٌ عمليةٌ، هدايةُ توفيقٍ وإعانةٍ على القيامِ بوظيفةِ الصبرِ عندَ حلولِ المصائبِ إذا عَلِمَ أنها مِنْ عندِ اللهِ؛ فرَضِيَ وسلَّمَ وانقادَ.

* ومنها: أنَّ الإيمانَ يدعُو إلى الزيادةِ من علومهِ وأعمالهِ الظاهرةِ والباطنةِ، فالمؤمنُ بحسبِ إيمانهِ لا يزالُ يطلبُ الزيادةَ من العلومِ النافعةِ، ومنِ الأعمالِ النافعةِ ظاهرًا وباطنًا، وبحسبِ قوةِ إيمانهِ يزيدُ إيمانهُ ورغبتهُ وعملهُ، كما قالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ


(١) البخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>