للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقدمة في ذكر أوصاف القرآن العامة الجامعة]

قدْ وصفَ اللهُ كتابَهُ بأوصافٍ جليلةٍ عظيمةٍ، تنطبقُ على جميعهِ، وتدلُّ أكبرَ دلالةٍ على أنهُ الأصلُ والأساسُ لجميعِ العلومِ النافعةِ والفنونِ المرشدةِ لخيرِ الدنيا والآخرةِ:

* وصفَهُ بالهدَى، والرشدِ، والفرقانِ، وأنهُ مبينٌ وتبيانٌ لكلِّ شيءٍ:

* فهوَ في نفسهِ هدًى، ويهدِي الخلقَ لجميعِ ما يحتاجونَهُ من أمورِ دينِهم ودنياهم.

* ويرشدُهُم إلى كلِّ طريقٍ نافعٍ.

* ويفرِّقُ لهم بينَ الحقِّ والباطلِ، والهدَى والضلالِ، وبينَ أهلِ السعادةِ والشقاوةِ؛ بذكرِ أوصافِ الفريقينِ.

* وفيهِ بيانُ الأصولِ والفروعِ؛ بذكرِ أدلتِها النقليةِ والعقليةِ.

فوصفَهُ بهذهِ الأوصافِ المطلقةِ العامةِ التي لا يشذُّ عنها شيءٌ في آياتٍ كثيرةٍ.

وقيَّدَ هدايتَهُ في بعضِ الآياتِ بعدةِ قيودٍ: قيَّدَ هدايتَهُ بأنهُ هدًى للمؤمنينَ المتقينَ، لقومٍ يعقلونَ، ويتفكرونَ، ولمن قصدُهُ الحقُّ. وهذا بيانٌ منهُ تعالى لشرط هدايتهِ: وهوَ أنَّ المحلَّ لابدَّ أنْ يكونَ قابلًا وعاملًا، فلابدَّ لهدايتهِ من عقلٍ وتفكيرٍ وتدبرٍ لآياتِهِ؛ فالمعرِضُ الذي لا يتفكرُ ولا يتدبرُ آياتِهِ لا ينتفعُ بهِ، ومَن ليسَ قصدُهُ الحقَّ ولا غرضَ لهُ في الرشادِ، بلْ قصدهُ فاسدٌ، وقدْ وطَّنَ نفسَهُ على مقاومتهِ ومعارضتهِ؛ ليسَ لهُ من هدايتهِ نصيبٌ. فالأولُ حُرِمَ هدايتَهُ لفقدِ الشرطِ، والثاني لوجودِ المانعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>