[قصة هود ﵊]
بعثَ اللهُ هودًا ﵊ إلى قومهِ ﴿عَادًا الْأُولَى﴾ [النجم: ٥٠]، المقيمينَ بالأحقافِ من رمالِ حضرموتَ؛ لما كثُرَ شرُّهم، وتجبرُوا على عبادِ اللهِ وقالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥]، معَ شركِهم باللهِ وتكذيبِهم لرسلِ اللهِ، فأرسلَهُ اللهُ إليهم يدعُوهم إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ، وينهاهم عن الشركِ والتجبرِ على العبادِ، ويدعُوهم بكلِّ وسيلةٍ، ويذكِّرُهم ما أنعمَ اللهُ عليهم بهِ من خيرِ الدنيا والبسطةِ في الرزقِ والقوةِ.
فردُّوا دعوتَهُ، وتكبَّرُوا عن إجابتهِ، وقالوا: ﴿مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، وهم كاذبونَ في هذا الزعمِ؛ فإنهُ ما من نبيٍّ إلا أعطاهُ اللهُ من الآياتِ ما على مثلهِ يؤمِنُ البشرُ، ولوْ لم يكنْ من آياتِ الرسلِ إلا أنَّ نفسَ الدِّينِ الذي جاؤوا بهِ أكبرُ دليلٍ أنهُ من عندِ اللهِ؛ لإحكامهِ، وانتظامهِ للمصالحِ في كلِّ زمانٍ بحسبهِ، وصدقِ أخبارهِ، وأمرهِ بكلِّ خيرٍ، ونهيهِ عن كلِّ شرٍّ، وأنَّ كلَّ رسولٍ يصدِّقُ مَنْ قبلَهُ ويشهَدُ لهُ، ويصدِّقُهُ مَنْ بعدَهُ ويشهَدُ لهُ.
ومنِ آياتِ هودٍ الخاصةِ: أنهُ متفرِّدٌ وحدَهُ في دعوتهِ وتسفيهِ أحلامِهم وتضليلِهم والقدحِ في آلهتِهم، وهم أهلُ البطشِ والقوةِ والجبروتِ، وقدْ خوَّفوهُ بإلهتِهم إنْ لم ينتهِ أنْ تمسَّهُ بجنونٍ أو سوءٍ؛ فتحداهم علنًا، وقالَ لهم جهارًا: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)﴾ [هود: ٥٤ - ٥٦]، فلم يصلُوا إليهِ بسوءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute