للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة أصحاب الكهف]

وهم فتيةٌ وفَّقَهم اللهُ، وألهمَهم الإيمانَ، وعَرَفوا ربَّهم، وأنكرُوا ما عليهِ قومَهم من عبادةِ الأوثانِ، وقامُوا بينَ أظهرِهم معلنيِنَ فيما بينَهم عقيدتَهم، خائفينَ من سطوةِ قومِهم، فقالوا: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا﴾ [الكهف: ١٤] أي: إنْ دعَوْنا غيرَهُ، ﴿شَطَطًا﴾ أي: زورًا وبهتانًا وظلمًا، ﴿هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الكهف: ١٥].

فلما اتفقُوا على هذا الأمرِ، وعَرَفوا أنهم لا يمكنُهم إظهارُ ذلكَ لقومِهم؛ سألُوا اللهَ أنْ يسهِّلَ أمرَهم فقالوا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠].

فآوَوْا إلى غارٍ يسَّرَهُ اللهُ غايةَ التيسيرِ، واسعِ الفجوةِ، بابهُ نحوَ الشمالِ، لا تدخلُهُ الشمسُ، لا في طلوعِها ولا في غروبِها، فنامُوا في كهفِهم بحفظِ اللهِ ورعايتهِ ﴿ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (٢٥)﴾.

وقدْ ضرَبَ اللهُ عليهم نطاقًا من الرعبِ، على قربِهم من مدينةِ قومِهم، ثم إنهُ في الغارِ تولَّى حفظَهم بقولهِ: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ [الكهف: ١٨]؛ وذلك لئلَّا تُبليَ الأرضُ أجسادَهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>