للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أيقظَهم بعدَ هذه المدةِ الطويلةِ ﴿لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ [الكهف: ١٩]، وليقِفُوا في آخرِ الأمرِ على الحقيقةِ، فقالَ قائلٌ منهم: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ [الكهف: ١٩] إلى آخرِ القصةِ.

* ففيها آياتٌ بيناتٌ وفوائدُ متعددةٌ:

* منها: أنَّ قصةَ أصحابِ الكهفِ وإنْ كانتْ عجيبةً فليستْ من أعجبِ آياتِ اللهِ؛ فإن للهِ آياتٍ عجيبةً وقصصًا فيها عبرةٌ للمعتبرِينَ.

* ومنها: أنَّ مَنْ آوَى إلى اللهِ أواهُ اللهُ، ولطفَ بهِ، وجعلَهُ سببًا لهدايةِ الضالِّينَ؛ فإنَّ اللهَ لطَفَ بهم في هذهِ النومةِ الطويلةِ؛ إبقاءً على إيمانِهم وأبدانِهم من فتنةِ قومِهم وقتلِهم، وجعَلَ هذهِ القومةَ (١) من آياتهِ التي يُستدلُّ بها على كمالِ قدرةِ اللهِ، وتنوعِ إحسانهِ، وليعلمَ العبادُ أنَّ وعدَ اللهِ حقٌّ.

* ومنها: الحثُّ على تحصيلِ العلومِ النافعةِ والمباحثةِ فيها؛ لأنَّ اللهَ بعثَهم لأجل ذلكَ، وببحثِهم ثُم بعلمِ الناسِ بحالِهم حصلَ البرهانُ والعلمُ بأنَّ وعدَ اللهِ حقٌّ، وأنَّ الساعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها.

* ومنها: الأدبُ فيمن اشتبهَ عليهِ العلمُ أنْ يردَّهُ إلى عالِمهِ، وأنْ يقفَ عندَ ما يعرفُ.

* ومنها: صحةُ الوكالةِ في البيعِ والشراءِ، وصحةُ الشركةِ في ذلكَ؛ لقولِهم: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ﴾ [الكهف: ١٩] الآية.


(١) في (خ): النومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>