للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في الحج وتوابعه]

١ - قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧]، وقال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] إلى آخرِ الآياتِ المتعلقةِ بالحجِّ.

* لما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٦ - ٩٧]، وكان في ذلكَ تنبيهٌ على الحكمِ والأسرارِ والمصالحِ والبركاتِ المتنوعةِ المحتوِي هذا البيتُ العظيمُ عليها، وكان ذلكَ داعيًا إلى تعظيمهِ بغايةِ ما يمكنُ من التعظيمِ - أوجَبَ اللهُ على العبادِ حَجَّهُ وقصدَهُ لأداءِ المناسكِ التي فعلَها رسولُ اللهِ ، وعلَّمَها أمتَهُ، وأمرَهم أنْ يأخذُوا عنهُ مناسكَهم (١).

* فأوجبَهُ على ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ بأنْ قدِرَ على الوصولِ إليهِ بأيِّ مركوبٍ متيسرٍ، وبزادٍ يتزوَّدُهُ ويَتِمُّ بهِ السبيلُ، وهذا هوَ الشرطُ الأعظمُ لوجوبِ الحجِّ.

* وهذهِ الآيةُ صريحةٌ في فرضيةِ الحجِّ، وأنهُ لا يتمُّ للعبدِ إسلامٌ ولا إيمانٌ وهوَ مستطيعٌ إلا بحجِّهِ، وأنَّ اللهَ إنما أمرَ بهِ العبادَ رحمةً منهُ بهم، وإيصالًا لهم إلى أجلِّ


(١) كما جاء في حديث النبي : «لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه». مسلم (١٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>