للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا هدايةُ التوفيقِ ووضعُ الإيمانِ في القلوبِ فإنها مختصَّةٌ باللهِ، فكما لا يخلقُ ولا يرزقُ ولا يحيي ويميتُ إلا اللهُ، فلا يهدِي إلا اللهُ.

* والفرقُ بينَ التبصرةِ والتذكرةِ في مثلِ قولهِ: ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ [ق: ٨] أنَّ التبصرةَ: هيَ العلمُ بالشيءِ والتبصرُ فيه، والتذكرةَ: هيَ العملُ بالعلمِ اعتقادًا وعملًا.

وتوضيحُ هذا: أنَّ العلمَ التامَّ النافعَ يفتقرُ إلى ثلاثةِ أمورٍ:

• التفكر أولًا في آياتِ اللهِ المتلوةِ والمشهودةِ.

• فإذا تفكَّرَ أدرَكَ ما تفكَّرَ فيه بحسبِ فهمهِ وذكائهِ، فعرَفَ ما تفكَّرَ فيه وفهمَهُ، وهذا هوَ التبصرُ.

• فإذا علمَهُ عَمِلَ بهِ، فإنْ كانَ اعتقادًا وإيمانًا صدَّقَهُ بقلبهِ وأقرَّ بهِ واعترفَ، وإنْ اقتضى عملًا قلبيًّا أو قوليًّا أو بدنيًّا عَمِلَ بهِ، وهذا هوَ التذكرُ، وهوَ التذكرةُ، وحاصلُ ذلكَ هوَ معرفةُ الحقِّ واتباعهُ، ومعرفةُ الباطلِ واجتنابهُ.

* والفرقُ بينَ المواضعِ التي وردَ في القرآنِ أنَّ الناسَ لا يتساءلونَ، ولا يتكلمونَ، والمواضعِ التي ذُكِرَ فيها احتجاجُهم وتكلمُهم، وخطابُ بعضِهم لبعضٍ؛ من وجهينِ:

• أوجههُما: تقييدُ هذهِ المواضعِ بقولهِ: ﴿لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: ٣٨]، فإثباتُ الكلامِ المتعددِ من الخلقِ يومَ القيامةِ تبعٌ لإذنِ اللهِ لهم في ذلكَ. ونفيُ التساؤلِ والكلامِ في الحالةِ التي لم يؤذَنْ لهم.

• الوجهُ الثاني: ما قالَهُ كثيرٌ من المفسرينَ: إنَّ القيامةَ لها أحوالٌ ومقاماتٌ، ففي بعضِ الأحوالِ والمقاماتِ يتكلمونَ، وفي بعضِها لا يتكلمونَ، وهذا الوجهُ لا ينافي الأولَ، فيُقالُ: هذهِ الأحوالُ والمقاماتُ تبعٌ لإذنِ اللهِ لهم أو عدمهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>