[قصة موسى وهارون ﵉]
قدْ ذكرَ اللهُ لموسى بنِ عمرانَ ومعَهُ أخوهُ هارونُ ﵉ سيرةً طويلةً، وساقَ قصصَهُ في مواضعَ من كتابهِ بأساليبَ متنوعةٍ واختصارٍ أو بسطٍ يليقُ بذلكَ المقامِ، وليسَ في قصصِ القرآنِ أعظمُ من قصةِ موسى؛ لأنهُ عالجَ فرعونَ وجنودَهُ، وعالجَ بني إسرائيلَ أشدَّ المعالجةِ.
وهوَ أعظمُ أنبياءِ بني إسرائيلَ، وشريعتهُ وكتابهُ التوراةُ هوَ مرجعُ أنبياءِ بني إسرائيلَ وعلمائِهم، وأتباعُه أكثرُ أتباعِ الأنبياءِ غير أمةِ محمدٍ ﷺ، ولهُ من القوةِ العظيمةِ في إقامةِ دينِ اللهِ، والدعوةِ إليهِ، والغيرةِ العظيمةِ ما ليسَ لغيرهِ.
وقدْ وُلِدَ في وقتٍ قدْ اشتدَّ فيه فرعونُ على بني إسرائيلَ، فكان يذبحُ كلَّ مولودٍ ذكرٍ يُولدُ من بني إسرائيلَ، ويستحيي النساءَ للخدمةِ والامتهانِ، فلما ولدتهُ أمهُ خافَتْ عليهِ خوفًا شديدًا؛ فإنَّ فرعونَ جعَلَ على بني إسرائيلَ مَنْ يرقبُ نساءَهم ومواليدَهم، وكان بيتُها على ضفةِ نهرِ النيلِ، فألهمَها اللهُ أنْ وضعَتْ لهُ تابوتًا إذا خافَتْ أحدًا ألقَتْهُ في اليمِّ، وربطَتْهُ بحبلٍ لئلَّا تجريَ بهِ جريةُ الماءِ، ومن لطفِ اللهِ بها أنهُ أوحَى لها أنْ ﴿لَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٩].
فلما ألقَتْهُ ذاتَ يومٍ انفلَتَ رباطُ التابوتِ، فذهبَ الماءُ بالتابوتِ الذي في وسطهِ موسى، ومِن قدرِ اللهِ أنْ وقعَ في يدِ آلِ فرعونَ، وجيءَ بهِ إلى امرأةِ فرعونَ أسيةَ، فلما رأتْهُ أحبَّتْهُ حبًّا شديدًا، وكان اللهُ قدْ ألقَى عليهِ المحبةَ في القلوبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute