للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاعَ الخبرُ ووصلَ إلى فرعونَ، فطلبَهُ ليقتلَهُ، فقالَتْ امرأتهُ: لا تقتلُوهُ، قرَّةُ عينٍ لي ولكَ، عسى أنْ ينفعَنا أو نتخذَهُ ولدًا (١)؛ فنجا بهذا السببِ من قتلِهم، وكان هذا الأثرُ الطيبُ والمقدمةُ الصالحةُ من السعيِ المشكورِ عندَ اللهِ، فكان هذا من أسبابِ هدايتِها وإيمانِها بموسى بعدَ ذلكَ.

أما أمُّ موسى فإنها فزعَتْ، وأصبحَ فؤادُها فارغًا، وكادَ الصبرُ أنْ يُغلبَ فيها، ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠)[القصص: ١٠]، وقالتْ لأختهِ: قُصِّيهِ وتحسَّسي عنهُ، وكانتْ امرأةُ فرعونَ قدْ عرضَتْ عليهِ المراضعَ فلم يقبَلْ ثديَ امرأةٍ، وعطَشَ وجعَلَ يتلوَّى من الجوعِ، وأخرجوهُ إلى الطريقِ؛ لعلَ اللهَ أنْ ييسرَ لهُ أحدًا.

فحانَتْ من أختهِ نظرةٌ إليهِ، وبصُرَتْ بهِ عن جنبٍ وهم لا يشعرونَ بشأنِها، فلما أقبلَتْ عليهِ وفهمَتْ منهم أنهم يطلبونَ لهُ مرضعًا قالتْ لهم: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾.

ثم ذكَرَ اللهُ في هذهِ السورةِ [قصتَهُ] (٢) مفصلةً واضحةً، وكيفَ تنقَّلَتْ بهِ الأحوالُ، قراءتُها كافيةٌ عن شرحِ معناها؛ لوضوحِها وتفصيلاتِها، واللهُ تعالى ما فصَّلَ لنا إلا ما ننتفعُ بهِ ونعتبرُ، ولكنْ في قصتهِ من العبرِ والفوائدِ شيءٌ كثيرٌ ننبِّهُ على بعضِها.


(١) كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ [القصص: ٩].
(٢) كذا في (خ). وفي (ط): قصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>