فصل في ذكر حدود ألفاظ كثر مرورها في القرآن: أمرًا بها، أو نهيًا عنها، أو مدحًا لها، أو ذمًا لها
فاللهُ تعالى أثنى على مَنْ عرفَ حدودَ ما أنزلَ على رسولهِ، وذمَّ مَنْ جهلَها، وهذهِ ألفاظٌ جليلةٌ يتعينُ على طالبِ العلمِ معرفةُ حدودِها؛ ليعرفَ ما يدخلُ فيها وما يخرجُ منها، وتتفقُ الألفاظُ المأمورُ بها في كثيرٍ من الأمورِ، وقدْ يكونُ بينَها فروقٌ، وكذلكَ المنهياتُ، وهذا من إحكامِ القرآنِ، وأنهُ يصدِّقُ بعضهُ بعضًا، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢].
• وأما الإيمانُ فهوَ: التصديقُ التامُّ والاعترافُ بأصولهِ التي أمرَ اللهُ بالإيمانِ بها، ولا يتمُّ ذلكَ إلا بالقيامِ بأعمالِ القلوبِ وأعمالِ الجوارحِ؛ ولهذا سمَّى اللهُ كثيرًا من الشرائعِ الظاهرةِ والباطنةِ إيمانًا، وبعضُ الآياتِ يذكرُ أنها من لوازمِ الإيمانِ.
فعلى هذا: الإيمانُ عندَ الإطلاقِ يدخلُ فيه الإسلامُ، وكذلكَ بالعكسِ، وإذا جمعَ بينَ الإيمانِ والإسلامِ فُسِّرَ الإيمانُ: بما في القلبِ من التصديقِ والاعترافِ وما يتبعُ ذلكَ، وفُسِّرَ الإسلامُ: بالقيامِ بعبوديةِ اللهِ كلِّها الظاهرةِ والباطنةِ.
* الإحسانُ قسمانِ:
• إحسانٌ في عبادةِ الخالقِ، وهوَ بذلُ الجهدِ في إكمالِها وإتقانِها، والقيامِ بحقوقِها الظاهرةِ والباطنةِ.