مكَثَ البشرُ بعدَ آدمَ قرونًا طويلةً وهم أمةٌ واحدةٌ على الهدَى، ثم اختلفُوا وأدخلَتْ عليهم الشياطينُ الشرورَ المتنوعةَ بطرقٍ كثيرةٍ.
فكان قومُ نوحٍ قدْ ماتَ منهم أناسٌ صالحونَ؛ فحزِنوا عليهم، فجاءَهم الشيطانُ فأمرَهم أنْ يصوِّروا تماثيلَهم؛ ليتسلَّوا بها وليتذكَّروا بها أحوالَهم، فكان هذا مبتدأَ الشرِّ.
فلما هلكَ الذينَ صوَّرُوهم لهذا المعنى جاءَ مَنْ بعدَهم وقدْ اضمحلَّ العلمُ، فقالَ لهم الشيطانُ: إنَّ هؤلاءِ -وَدًّا وسُواعًا ويَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسرًا- قدْ كان أولُوكم يدعونَهم ويستشفعونَ بهم، وبهم يُسقَونَ الغيثَ وتَزولُ الأمراضُ، فلم يزَلْ بهم حتى انهمكُوا في عبادتِهم على رغمِ نصحِ الناصحينَ.