* يمتنَّ اللهُ على عبادهِ بأنهُ فرَضَ عليهم ﴿الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨]، أي: المساواةُ فيه، وأنْ يُقتلَ القاتلُ عمدًا على الصفةِ التي قتلَ عليها المقتول؛ إقامةً للعدلِ بينَ العبادِ.
* وتوجيهُ الخطابِ لعمومِ المؤمنينَ فيه دليلٌ على أنهُ يجبُ عليهم كلِّهم -حتى أولياءِ القاتلِ، حتى القاتلِ بنفسهِ- إعانةُ وليِّ المقتولِ إذا طلبَ القصاصَ، وتمكينهُ من القاتلِ، وأنهُ لا يحلُّ لهم أنْ يحولُوا بينَهُ وبينَ القاتلِ إذا تمَّتِ الشروطُ، كما يفعلهُ أهلُ الجاهليةِ ومَن أشبهَهُم من إيواءِ المحدِثينَ.
* ثم فصَّلَ ذلك بقولهِ: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: ١٧٨]، يدخلُ في منطوقِها وفي منطوقِ قولهِ: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]: أنَّ الذَّكرَ يُقتلُ بالأنثى، كما تُقتلُ الأنثى بالذكرِ، فيكونُ هذا المنطوقُ مقدمًّا على مفهومِ قولهِ: ﴿الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ [البقرة: ١٧٨]، معَ دلالةِ صريحِ السنةِ الصحيحةِ في قتلِ النبيِّ ﷺ اليهوديَّ بالجاريةِ.
* وخرَجَ من هذا العمومِ: الأبوانِ وإنْ علَوا، فلا يُقتلانِ بالولدِ؛ لورودِ السنةِ بذلكَ، معَ أنَّ في لفظِ القصاصِ ما يدلُّ على أنهُ ليسَ من العدلِ أنْ يُقتلَ الوالدُ بولدهِ، ولأنَّ ما في قلبِ الوالدينِ من الرحمةِ المانعةِ من صدورِ هذهِ الجريمةِ منهما على ولدِهما؛