للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة يونس ]

وهوَ من أنبياءِ بني إسرائيلَ العظامِ، بعَثَهُ اللهُ إلى أهلِ نِيْنَوَى من أرضِ الموصلِ، فدعاهم إلى اللهِ تعالى فأبَوا عليهِ، ثم كرَّرَ عليهم الدعوةَ فأبَوا، فوعدَهم العذابَ وخرجَ من بينِ أظهرِهم، ولم يصبِرْ الصبرَ الذي ينبغِي، ولكنهُ أَبَقَ مغاضبًا لهم، وهم لمَّا ذهَبَ نبيُّهم أُلقِيَ في قلوبِهم التوبةُ إلى اللهِ والإنابةُ بعدما شاهدُوا مقدماتِ العذابِ، فكشفَ اللهُ عنهم العذابَ.

والظاهرُ أنَّ يونسَ عَلِمَ انكشافَ العذابِ عنهم، واستمرَّ في ذهابهِ عنهم؛ ولهذا قالَ تعالى: ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾ [الأنبياء: ٨٧]، وقالَ تعالى: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الصافات: ١٤٠].

فركِبَ في سفينةٍ مُوْقِرَةٍ (١) من الركابِ والأحمالِ، فلما توسَّطوا البحرَ شارفَتْ على الغرقِ، ودارَ الأمرُ بينَ أنْ يبقَوا جميعًا فيها فيهلَكوا، وبينَ أنْ يُلقوا بعضَهم بمقدارِ ما تخفُّ السفينةُ فيسلمُ الباقونَ، فاختاروا الأخيرَ لعدلِهم وتوفيقِهم، فاقترَعُوا فأصابَتِ القرعةُ أناسًا منهم، ومنهم يونسُ ؛ ولهذا قالَ: ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: ١٤١] أي: المغلوبينَ في القرعةِ، فأُلْقُوا فابتلعَهُ حوتٌ في البحرِ ابتلاعًا، لم يكسِرْ لهُ عظمًا، ولم يَمضَغْ لهُ لحمًا.


(١) موقرة: ذات وِقْر، أي: حمل ثقيل. (المحكم والمحيط الأعظم: ٦/ ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>