للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ونظيرُ هذا التقسيمِ: وصفُ العبادِ بأنهم عبيدٌ للهِ، يَرِدُ في القرآنِ على نوعينِ:

• نوعٌ عامٌّ، مثلَ قولهِ: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)[مريم: ٩٣] أي: مُعبَّدًا مملوكًا للهِ.

• والنوعُ الثاني: العبوديةُ الخاصةُ، وهيَ تقتضِي أنَّ العبدَ بمعنى: العابدِ المتعبدِ لربهِ، القائمِ بعبوديتهِ، وذلكَ مثلُ قولهِ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٦٣]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١]، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦]، فبحسبِ قيامِ العبدِ بعبوديةِ ربهِ تحصلُ له كفايةُ اللهِ.

* ونظيرُ هذا: القنوتُ، يردُ في القرآنِ على قسمينِ:

• قنوتٌ عامٌّ، مثلَ قولهِ: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦)[الروم: ٢٦] أي: الكلُّ عبيدٌ خاضعونَ لربوبيتهِ وتدبيرهِ.

• النوعُ الثاني -وهوَ الأكثرُ في القرآنِ-: القنوتُ الخاصُّ، وهوَ دوامُ الطاعةِ للهِ على وجهِ الخشوعِ، مثلَ قولهِ: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ [الزمر: ٩]، ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨]، ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي﴾ [آل عمران: ٤٣]، ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]، ونحوها.

* فائدةٌ: طغيانُ الرئاسةِ وطغيانُ المالِ يحملانِ صاحبَهما على الكبرِ والبطرِ والبغيِ على الحقِّ وعلى الخلقِ، برهانُ ذلكَ قولهُ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، وقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)[العلق: ٦ - ٧]، فعلَّلَ هذا التجرؤَ والطغيانَ بحصولِ المُلكِ ورؤيتهِ لنفسهِ الاستغناءَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>