نبَّأهُ اللهُ وأرسلَهُ إلى أهلِ مدينَ، وكانوا معَ شركِهم يبخسونَ المكاييلَ والموازينَ، ويغشونَ في المعاملاتِ، وينقصونَ الناسَ أشياءَهم، فدعاهم إلى توحيدِ اللهِ، ونهاهم عن الشركِ بهِ، وأمرَهم بالعدلِ في المعاملاتِ، وزجرَهم عن البخسِ في المعاملاتِ، وذكَّرَهم الخيرَ الذي أدرَّهُ اللهُ عليهم، والأرزاقَ المتنوعةَ، وأنهم ليسوا بحاجةٍ إلى ظلمِ الناسِ في أموالِهم، وخوَّفَهم العذابَ المحيطَ في الدنيا قبلَ الآخرةِ.
فأجابوهُ ساخرينَ وردُّوا عليهِ متهكمِينَ، فقالوا: ﴿يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)﴾ [هود: ٨٧] أي: فنحنُ جازمونَ على عبادةِ ما كان آباؤُنا يعبدونَ، وجازمونَ على أننا نفعلُ في أموالِنا ما نريدُ من أيِّ معاملةٍ تكونُ، فلا ندخلُ تحتَ أوامرِ اللهِ وأوامرِ رسلهِ.