للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خوَّفَهم آخذاتِ الأممِ التي حولَهم في الزمانِ والمكانِ فقالَ: ﴿لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: ٨٩].

ثم عرَضَ عليهم التوبةَ، ورغَّبَهم فيها، فقال: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: ٩٠]؛ فلم يُفِدْ فيهم.

فقالوا: ﴿مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ﴾ [هود: ٩١] وهذا لعنادِهم وبغضِهم البليغِ للحقِّ، ﴿وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (٩١) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢)[هود: ٩١ - ٩٢].

ثم لما رأى عتوَّهم قال: ﴿وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾ [هود: ٩٣ - ٩٤]، ﴿وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [هود: ٥٨].

فأرسلَ اللهُ عليهم حرًّا أخذَ بأنفاسِهم حتى كادُوا يختنقونَ من شدتهِ، ثم في أثناءِ ذلكَ أرسلَ سحابةً باردةً فأظلَّتْهم، فتنادَوا إلى ظلِّها غيرِ الظليلِ، فلما اجتمعُوا فيها التهبَتْ عليهم نارًا، فأحرقَتْهم، وأصبحوا خامدِينَ معذَّبِينَ مذمومِينَ ملعونِينَ في جميعِ الأوقاتِ.

* وفي قصةِ شعيبٍ فوائدُ متعددةٌ:

* منها: أنَّ بخسَ المكاييلِ والموازينِ خصوصًا، وبخسَ الناسِ أشياءَهم عمومًا؛ من أعظمِ الجرائمِ الموجبةِ لعقوباتِ الدنيا والآخرةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>