للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة لوط ]

وقصةُ لوطٍ تبعٌ لقصةِ إبراهيمَ؛ لأنهُ تلميذهُ وقدْ تعلَّمَ من إبراهيمَ، وكان لهُ بمنزلةِ الابنِ، فنبَّأهُ اللهُ بحياةِ الخليلِ، وأرسلَهُ إلى قرَى «سَدُوم» من غَوْرِ فلسطينَ، وكانوا معَ شركِهم باللهِ يلوطُونَ بالذكورِ، ولم يسبِقْهم أحدٌ إلى هذهِ الفاحشةِ الشنعاءِ، فدعاهم إلى عبادةِ اللهِ وحدَهُ، وحذَّرَهم من هذهِ الفاحشةِ، فلم يزدادُوا إلا عتوًّا وتماديًا فيما هم فيه.

ولما أرادَ اللهُ هلاكَهم أرسلَ الملائكةَ لذلكَ، فمرُّوا بطريقِهم على إبراهيمَ وأخبروهُ بذلكَ، فجعَلَ إبراهيمُ يجادلُ في إهلاكِهم -وكان رحيمًا حليمًا - وقالَ: إنَّ فيها لوطًا، قالوا: نحن أعلمُ بمن فيها، لننجينَّهُ وأهلَهُ أجمعينَ (١)، فقيلَ: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ [هود: ٧٦].

ولما ذهَبَ الملائكةُ إلى لوطٍ بصورةِ أضيافٍ آدميينَ شبابٍ ساءَ لوطًا ذلكَ، وضاقَ بهم ذرعًا، ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود: ٧٧]؛ لعلمهِ بما عليهِ قومهُ من هذهِ الجراءةِ الشنيعةِ، ووقَعَ ما خافَ منهُ، فجاءَهُ قومهُ يهرعونَ إليهِ يريدونَ فعلَ الفاحشةِ بأضيافِ لوطٍ، فقالَ: ﴿يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨]؛ لعِلْمهِ أنهُ لا حقَّ لهم فيهنَّ، كما عرَضَ سليمانُ للمرأتينِ حينَ اختصمتَا في الولدِ فقالَ: ائتوني بالسكينِ أشقُّهُ بينَكما،


(١) كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ [العنكبوت: ٣٢]، ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩)﴾ [الحجر: ٥٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>