للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ومرضُ الشهواتِ الذي هوَ ميلُ القلبِ إلى المعاصِي: مخلٌّ بقوةِ القلبِ العمليةِ؛ فإنَّ القلبَ الصحيحَ لا يريدُ ولا يميلُ إلا إلى الخيرِ، أو إلى ما أباحَهُ اللهُ لهُ، فمتى رأيتَ القلبَ ميالًا إلى المعاصِي سريعَ الانقيادِ لها فهوَ مريضٌ، هوَ سريعُ الافتتانِ عندَ وجودِ أسبابِ الفتنةِ، كما قالَ تعالى: ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [الأحزاب: ٣٢].

• وأما القلبُ القاسِي: فهوَ الذي لا يلينُ لمعرفةِ الحقِّ، وإنْ عرَفَهُ لا يلينُ للانقيادِ لهُ، فتأتيهِ المواعظُ التي تليِّنُ الحديدَ وقلبهُ لا يتأثرُ بذلكَ؛ إما لقسوتهِ الأصليةِ، أو لعقائدَ منحرفةٍ اعتقدَها ورسخَ قلبهُ عليها، وصعُبَ عليهِ الانقيادُ للحقِّ إذا خالفَها، وقدْ يجتمعُ الأمرانِ.

- وأما الرَّانُ والأكنَّةُ والأغطيةُ التي تكونُ على القلوبِ: فإنها من آثارِ كسبِ العبدِ وجرائمهِ، فإذا أعرَضَ عن الحقِّ وعارضَ الحقَّ، وجاءهُ الحقُّ فردَّهُ، وفتَحَ اللهُ لهُ أبوابَ الرشدِ فأغلقَها عن نفسهِ؛ عاقبَهُ اللهُ بهذا العملِ بأنْ سدَّ عنهُ طرقَ الهدايةِ التي كانتْ مفتوحةً لهُ ومتيسرةً فتكبَّرَ عنها وردَّها، فطُبِعَ على قلبهِ وخُتِمَ عليهِ، وأحاطَتْ بهِ الجرائمُ، ورانَتْ عليهِ الذنوبُ وغطَّتْ قلبَهُ، وجَعلَتْ بينَهُ وبينَ الحقِّ حجابًا، وأقفلَتِ القلبَ.

فهذهِ المعاني التي أكثرَ اللهُ من ذكرِها في كتابهِ.

إذا عرفتَ هذهِ الضوابطَ المذكورةَ في هذهِ الفائدةِ؛ اتضحَتْ لكَ معانيها، وعرفتَ بذلكَ حكمةَ اللهِ وعدلَهُ في عقوبةِ هذهِ القلوبِ، وأنَّ اللهَ ولَّاهم ما تولَّوهُ لأنفسِهم ورضوهُ لها.

* فائدةٌ: قولهُ تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: ٩] جمَعَ اللهُ فيها الحقوقَ الثلاثةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>